حدث في رمضان.. معركة “بلاط الشهداء” عندما كان المسلمين على أبواب باريس

أميرة جادو
تعتبر معركة “بلاط الشهداء” واحدة من أشهر المعارك فى التاريخ، والتى حدثت خلال شهر رمضان عام 114 هـ في فرنسا، التى كانت تعرف وقتها بـ “بلاد الغال”، وترتب عليها الكثير من النتائج.
معركة بلاط الشهداء
وجاءت هذه المعركة بعد أن جمع “عبد الرحمن الغافقي” والى الأندلس، جنده فى “بنبلونة” شمال الأندلس، وعبر بهم فى أوائل سنة 114 هجرية جبال “ألبرت” ودخل فرنسا واتجه إلى الجنوب إلى مدينة “آرال” الواقعة على نهر الرون، لامتناعها عن دفع الجزية وخروجها عن طاعته، ففتحها بعد معركة هائلة.
بعد ذلك توجه “الغافقي” غربا إلى دوقية أقطاينا “أكويتين”، وتمكن من تحقيق نصرا حاسما على ضفاف نهر الدوردونى واضطر الدوق “أودو” أن يتقهقر بقواته نحو الشمال تاركا عاصمته “بردال” (بوردو) ليدخلها المسلمون فاتحين، وأصبحت ولاية أكويتين فى قبضة المسلمين تماما.
واستمر “الغافقى” مواصله طريقه نحو نهر اللوار وتوجه إلى مدينة “تور” ثانية مدائن الدوقية، وفيها كنيسة “سان مارتان”، وكانت ذات شهرة فائقة آنذاك، فاقتحم المسلمون المدينة واستولوا عليها.
طلب النجدة من الميروفنجية
ولم يكن أمام “أودو” سوى طلب النجدة من “الميروفنجية”، وكانت أمورها فى يد شارتل مارتل، فلبى النداء وأسرع بنجدته. وكان من قبل لا يعنى بتحركات المسلمين فى جنوب فرنسا. نظرا للخلاف الذى كان بينه وبين أودو دوق أقطانيا استعداد الفرنجة.
وجد “مارتل” فى طلب نجدته فرصة لفرض نفوذه على أقطانيا التى كانت بيد غريمه، ووقف الفتح الإسلامي بعد أن أصبح يهدده، فتحرك فوراً ولم يدخر جهدًا فى الاستعداد، فبعث يستقدم الجند من كل مكان.
وبعد أن استعد “مارتل” بشكل تام تحرك بجيشه حتى ذهب إلى مروج نهر اللوار الجنوبية، وحين أراد “الغافقى” أن يقتحم نهر اللوار لملاقاة خصمه على ضفته اليمنى قبل أن يكمل استعداده فاجأه “مارتل” بقواته الجرارة التى تفوق جيش المسلمين فى الكثرة، فما كان أمامه سوى الرجوع والارتداد إلى السهل الواقع بين بواتييه وتور، وعبر شارل بقواته نهر اللوار وعسكر بجيشه على أميال قليلة من جيش الغافقى.
موقع معركة بلاط الشهداء
والجدير بالإشارة أن في ذلك السهل دارت “المعركة” بين الفريقين. ولم يتم تحديد موقع الميدان الذي دارت فيه أحداث المعركة بالظبط.
سبب تسمية معركة بلاط الشهداء
وقد أشارت عدد من ‘الروايات” إلى أن المعركة حدثت بالقرب من طريق رومانى يصل بين بواتييه وشاتلرو فى مكان يبعد نحو عشرين كيلومترا من شمالى شرق بواتييه أطلق عليها “البلاط”. وهى كلمة تعنى فى الأندلس القصر أو الحصن الذى حوله حدائق، ولذا تم تسمية المعركة فى المصادر العربية ببلاط الشهداء لكثرة ما استشهد فيها من المسلمين، وتسمى فى المصادر الأوربية معركة “تور- بواتييه”.
اليوم العاشر من المعركة
وفى اليوم الـ 10 من “المعركة”، وأبدى كلا الفريقين منتهى الشجاعة والجلد والثبات، حتى بدأ الإعياء على الفرنجة ولاحت تباشير النصر للمسلمين، ولكن حدث أن اخترقت فرقة من فرسان العدو إلى خلف صفوف المسلمين. حيث معسكر الغنائم، فارتدت فرقة كبيرة من الفرسان من قلب المعركة لرد الهجوم المباغت وحماية الغنائم. غير أن هذا أدى إلى خلل فى النظام، واضطراب صفوف المسلمين، واتساع فى الثغرة التى نفذ منها الفرنجة.
حاول “الغافقى” أن يعيد النظام ويمسك بزمام الأمور ويرد الحماس إلى نفوس جنده. لكن الموت لم يسعفه بعد أن أصابه سهم أودى بحياته فسقط شهيدًا فى الميدان. فازدادت صفوف المسلمين اضطرابا وعم الذعر فى الجيش.
والجدير بالذكر أن المسلمون صبروا حتى حل الليل فانتهزوا فرصة ظلام الليل وانسحبوا إلى “سبتمانيا”، تاركين أثقالهم ومعظم أسلابهم غنيمة للعدو.