أصل “موائد الرحمن”.. حكاية أول مائدة إفطار في تاريخ مصر
أميرة جادو
يرتبط شهر رمضان المبارك بالعديد من المظاهر والروحانيات ولعل أبرزها “موائد الرحمن”، ومع حلول الشهر الفضيل كل عام، هناك من يقومون بتجهيز الموائد لإفطار الصائمين على مدار الشهر، وهي ليست من العادات الحديثة التى ظهرت مؤخرًا، ولكن لها تاريخ طويل، وقد اختلف “المؤرخون” بشأن بداية ظهور “موائد الرحمن”، فمنهم من ينسبها إلى عهد الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، ومنهم من ينسبها إلى عصر أحمد بن طولون، وآخرون يرجعونها إلى عهد المعز لدين الله الفاطمي.
البداية
ويشار إلى أن بداية ظهور “موائد الرحمن” كانت في عصر رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، حين قدم إليه وفد من الطائف، وكان النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة، واعتنقوا الإسلام حينها، وعاشوا في المدينة لفترة من الزمن، فكان الرسول صلى الله عليه وسلم يرسل إليهم الإفطار والسحور مع “بلال بن رباح”.
ثم اقتدى “الخلفاء الراشدون” بالرسول صلى الله عليه وسلم من بعدها، وقام سيدنا عمر بن الخطاب بإعداد دارا للضيافة يفطر فيها الصائمون، لتظهر بعد ذلك فكرة موائد الرحمن، حيث أقامها أحمد بن طولون عام 880م.
أول مائدة رحمن في مصر
أما عن أول مائدة ظهرت في مصر، كانت في عهد”أحمد بن طولون” عام 880م، وتحديداً في السنة الرابعة لولايته، حيث أمر الجميع بأن تتواجد تلك المائدة طوال أيام شهر رمضان الكريم، إلا أنها اختفت بعد مرور فترة من الزمن.
عهد الخليفة الفاطمى
وقد اندثرت “موائد الرحمن” لفترة من الزمن، ثم ظهرت مرة أخرى في عهد “الخليفة المعز لدين الله الفاطمي”، حيث أمر بإقامة “مائدة” في شهر رمضان يفطر عليها أهل جامع عمرو بن العاص.
وقد كان “الخليفة المعز لدين الله الفاطمي” يخرج من قصره 1100 قدر من كافة أنواع الطعام المتنوعة لتوزيعها على الفقراء، وتم تسميتها في ذلك الوقت “دار الفطرة”، ووصل طول بعضها إلى 175 متر، ولكن بعد ذلك بدأ الأمر يقل مرة أخرى في عصر المماليك والعثمانيين بسبب الحروب.
عهد المماليك
لم تم تختفي “موائد الرحمن” مرة أخرى، حيث استمرت فى عهد المماليك، وخصص بعض سلاطينهم أملاكا للإنفاق على هذه الموائد، وكان منهم السلطان حسن بن قلاوون الذى أنشأ وقفًا لشراء اللحوم والخضر والأرز وغيرها من مستلزمات الطهى لإعداد الطعام للفقراء طوال الشهر.
والجدير بالإشارة أن الحكام يهتمون بإقامة “موائد الرحمن” داخل ساحات قصورهم وفى الأماكن العامة، حتى وإن كانت تختلف حجم المائدة وعدد المترددين عليها من الصائمين من فترة إلى أخري.
الملك فاروق
وفي السياق ذاته، كان “الملك فاروق” يحرص على إحياء “موائد الرحمن”، فأقام مائدة إفطار فى الفناء الداخلى لقصر عابدين، وطلب من المحافظين إقامة موائد الرحمن فى عدد من المراكز التابعة لكل مديرية.
ويذكر أن كان يتم إقامة “سرادقات” فى مراكز إمبابة والجيزة والحوامدية والبدرشين والصف والعياط، يتم تلاوة القرآن الكريم بها قبل آذان المغرب يعقبها تقديم “موائد ملكية” لإطعام الفقراء.