تاريخ ومزارات

تعرف على قصة “مدفع الإفطار”.. حكايات وراء أشهر طقوس شهر رمضان 

أميرة جادو

بحلول شهر رمضان يرتبط المصريون بالعديد من العادات على رأسها “مدفع الإفطار”، وهو من العادات التي استمروا في ممارستها لفترة طويلة وأصبح دوي هذا المدفع مع غروب الشمس “الإشارة” التي يجتمع عليها الجميع إيذانا لبدء الإفطار بعد صيام يوم طويل، كما أصبح من السمات المميزة للمظاهر الاحتفالية في مصر طوال شهر رمضان وحده.

نشأة مدفع رمضان

اختلفت “الآراء التاريخية” حول نشأة “مدفع رمضان” والسر وراء العادة وأجمعت الروايات، رغم اختلافها، على كونها وليدة الصدفة، أبرز تلك الروايات ما يشير إلى أن العادة ترجع إلى عهد “خوش قدم” المملوكي الذي يقال إنه أمر بتجربة مدفع وصادف ذلك الأول من رمضان عام 869 هجريا (1465 ميلاديا)، وتزامن سماع دويه وقت الإفطار فاعتقد الأهالي أنه إعلان لتناول الطعام، وفي اليوم التالي أمر خوش قدم بتكرار العادة طوال شهر رمضان، بعد علمه باستحسان الأهالي لها.

خطأ غير مقصود في عصر محمد علي

ولفتت “رواية أخرى” إلى أن هذه العادة تعود إلى عهد محمد علي باشا، والذي كان عن طريق الصدفة بعد أن تم ضرب مجموعة من المدافع في لحظة الغروب في يوم من أيام رمضان، فاعتقد الناس أنها إشارة تعلن بدء الإفطار، وطلبوا استمرارها في الشهر، بل وفي وقت الإمساك أيضا، واستمرت العادة واستمر المدفع يدوي بطلقاته من قلعة محمد علي في القاهرة حتى وقت قريب.

فيما يؤكد البعض إن تلك العادة ترجع إلى عهد “الخديوي إسماعيل”، حيث كان أحد الجنود ينظف مدفعا، فانطلقت قذيفة بالخطأ، وصادف ذلك لحظة الغروب، فاعتقد الأهالي أيضا أنها إعلان ببدء إفطارهم، وترسخت العادة كما حدث مع الراوية السابقة المنسوبة إلى عصر محمد علي باشا.

مدفع رمضان عند الرحالة

ووفقاً لما ذكره الرحالة الإيرلندي “ريتشارد بيرتون”، الذي زار مصر عام 1853 في أواخر عهد عباس باشا الأول (1848-1854)، فأن العادة أقدم من الخديوي إسماعيل، حيث ذكرها في مذكرات رحلته المنشورة بعنوان “رحلة بيرتون إلى مصر والحجاز” قائلا :”بعد نصف ساعة من منتصف الليل ينطلق مدفع السحور منبها المسلمين بوجوب الاستعداد لتناول طعام السحور وهو بمثابة إفطار مبكر. وبمجرد سماع المدفع يوقظني خادمي إذا كنت نائما … ويضيع أمامي بقايا وجبة المساء (الإفطار)”.

وأردف “بيرتون” في كتابه قائلاً: “أظل أدخن بوهن وضعف كما لو كنت أودع صديقا حميما حتى ينطلق المدفع الثاني في حوالي الساعة الثانية والنصف معلنا الإمساك، ثم أنتظر أذان الفجر الذي يُرفع في شهر رمضان مبكرا شيئا ما عن المعتاد”، ويبدو من مشاهدات بيرتون أن العادة كانت في الإمساك تقضي بإطلاق المدفع مرتين وليس مرة واحدة.

ووصف “بيرتون” المشهد، قائلاً: “تبدو القاهرة عند اقتراب موعد المغرب (ساعة الإفطار)، وما أبطأ حلوله، وكأنها أفاقت من غشيتها، فيطل الناس من النوافذ والشرفات ليرقبوا اقتراب ساعة خلاصهم، وبعض الناس يصلون ويبتهلون وآخرون يسبحون بينما آخرون يتجمعون في جماعات أو يتبادلون الزيارات لقتل الوقت حتى يحين موعد الإفطار”.

واستطرد “بيرتون”: “يا للسعادة! أخيرا انطلق مدفع الإفطار من القلعة. وفي الحال يجلجل المؤذن بأذانه الجميل داعيا الناس للصلاة، وينطلق صوت المدفع الثاني من قصر العباسية (نسبة لعباس باشا الأول). ويصيح الناس (الإفطار الإفطار) وتعم همهمة الفرح في أنحاء القاهرة الصامتة”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى