حوطة بني تميم: تاريخ عريق وطبيعة ساحرة في قلب نجد
تقع حوطة بني تميم جنوب العاصمة السعودية الرياض، في موقع استراتيجي يجعلها حلقة وصل بين الرياض وجنوب المملكة والجزيرة العربية، على بعد حوالي 165 كم من الرياض. تتميز الحوطة بموقعها الفريد في إقليم نجد الجنوبي، وتحدها من الشمال محافظة الخرج والحريق، ومن الجنوب الأفلاج، ومن الشرق الخرج والأفلاج، ومن الغرب الحريق، وتبلغ مساحتها نحو 7350 كيلومتر مربع.
تشتهر الحوطة بتضاريسها المتنوعة حيث تقع في وسط أودية وشعاب منخفضة، وتحيط بها الجبال من كل الجهات، مما يجعلها أشبه بخلجان صحراوية مليئة بالأودية والشعاب. توفر هذه التضاريس الطبيعية للحوطة ثلاثة ممرات رئيسية عبر الأودية: طريق واحة الصوط من الشمال، وادي برك من الجنوب، ووادي نعام من الغرب. كما كانت هناك ممرات قديمة سلكتها الإبل قديماً للتنقل عبر هذه المناطق الوعرة.
مناخ الحوطة يتسم بالتقلب والجفاف كما هو الحال في جنوب نجد بشكل عام، حيث يكون الصيف شديد الحرارة والشتاء قارس البرودة، مع قلة الأمطار على مدار العام. يعود هذا المناخ الصحراوي إلى موقع الحوطة بالقرب من الأطراف الشرقية لجبل طويق، حيث تنتشر الأودية والشعاب التي كانت في السابق مجاري نهرية، عاش حولها أقوام وأمم اندثرت مع الزمن.
أهم الأودية التي تحيط بحوطة بني تميم هو وادي برك، وهو من أقدم وأشهر الأودية في المنطقة، سكنته قبائل وأقوام منذ القدم. يُعتبر وادي برك من أكبر الأودية في جنوب نجد، ويغذيه العديد من الأودية الفرعية والشعاب المتفرعة من كلا جانبيه. وادي نعام، المعروف أيضًا بوادي الحوطة، يُعد الأكبر والأقدم في المنطقة، وكان شاهدًا على تأسيس واستيطان البشر منذ عصور بعيدة. كما أن وادي ماوان، الذي يقع شمال الحوطة، يفصل بينها وبين منطقة الخرج، ويُعتبر أيضًا من الأودية المشهورة تاريخيًا.
تتكون حوطة بني تميم من عدة قرى ومزارع متناثرة بين الأودية والشعاب، مما يضفي على المنطقة طابعًا زراعيًا مميزًا. من هذه القرى، الفرعة التي تبعد حوالي 10 كيلومترات عن مركز الحوطة وتقع على وادي نعام، وهي قرية زراعية يعمل معظم سكانها في الزراعة. أسفل الباطن، تقع في ملتقى وادي نعام مع وادي برك وكانت تُعرف سابقًا باسم المجازة. الحلوة، التي تُعد من أكبر قرى وادي برك الجنوبية، تحتوي على مرافق حكومية هامة مثل المحكمة الشرعية وكتابة العدل. كما تضم القرى الأخرى مثل العطيان والقويع التي تقع في وادي برك الجنوبي وتبعد عن مركز الحوطة مسافات قصيرة.
أهمية حوطة بني تميم ازدادت بشكل ملحوظ بعد اكتشاف النفط فيها، مما جعلها منطقة ذات أهمية اقتصادية كبيرة. بالإضافة إلى ذلك، تحتوي المنطقة على محمية الوعول التي تزخر بأنواع متنوعة من الكائنات الفطرية الطبيعية، مما يعزز من جمالها الطبيعي وثراء بيئتها.
إلى جانب الطبيعة الساحرة، تحتوي حوطة بني تميم على العديد من المعالم الأثرية التي تضيف إلى غناها التاريخي والثقافي. من أبرز هذه المعالم نقش المرتمي الذي يحتوي على كتابات بأحرف غير عربية يقال إنها تركية أو رومانية. كما تضم المنطقة قصور خويطر، وهي أطلال قصور قديمة بُنيت قبل نحو خمسة أو ستة قرون. قلعة الإمام تركي بن عبد الله، التي تقع في قرية الحلوة وبُنيت في عام 1236 هـ، تعد أيضًا من المعالم البارزة. بالإضافة إلى ذلك، يحتوي كهف القويع الأثري على نقوش وكتابات قديمة، وهناك نقش آخر في شعيب ديم بالعطيان وسور الحلوة القديم.
تجمع حوطة بني تميم بين الطبيعة الخلابة والتاريخ العريق، مما يجعلها وجهة مميزة تجمع بين الأصالة والحداثة، حيث يتناغم فيها التراث مع التطور الاقتصادي الذي شهدته المنطقة.