حوارات و تقارير

التصعيد الأكبر على جبهة لبنان… هل تقود الغارات الإسرائيلية إلى حرب إقليمية؟

تشهد الحدود بين إسرائيل ولبنان حالة من التوتر الشديد بعد التصعيد الإسرائيلي الأخير الذي يعتبر الأوسع والأعنف، والذي أسفر عن استشهاد وإصابة مئات اللبنانيين بينهم نساء وأطفال، إلى جانب نزوح الآلاف بحثًا عن الأمان. في هذه الأجواء المتوترة، دعت كل من الولايات المتحدة وفرنسا وعدد من الدول الأوروبية والعربية، إلى وقف فوري لإطلاق النار لمدة 21 يومًا على طول الحدود بين إسرائيل ولبنان، بهدف إفساح المجال للدبلوماسية لتجنب المزيد من التصعيد.

دعوة دولية لوقف إطلاق النار

في بيان مشترك، أصدره الرئيس الأمريكي جو بايدن والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، حثت الدول المشاركة على التوصل إلى تسوية تُعيد الهدوء إلى الحدود الإسرائيلية اللبنانية وتتيح للمدنيين العودة إلى ديارهم بسلام. وأشار البيان إلى أن تبادل إطلاق النار الذي بدأ في 7 أكتوبر يُنذر بصراع أوسع، مما يشكل تهديدًا للمدنيين على الجانبين.

هذا البيان المشترك لم يقتصر على الولايات المتحدة وفرنسا فقط، بل حظي بدعم دولي واسع من أستراليا، كندا، الاتحاد الأوروبي، ألمانيا، اليابان، والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وغيرها. ودعت هذه الدول إسرائيل ولبنان إلى الموافقة على الهدنة فورًا.

رفض إسرائيلي ومواصلة القتال

من جانبه، أصدر مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بيانًا ينفي فيه نية إسرائيل الموافقة على وقف إطلاق النار المقترح. ووفقًا للبيان، فإن القوات الإسرائيلية ستواصل عملياتها العسكرية على الجبهة الشمالية بكل قوة، مع استمرار الحرب في قطاع غزة لتحقيق الأهداف المزعومة.

لبنان يرفض توقيع الهدنة

وفي الوقت نفسه، نفى رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي توقيع أي اتفاق لوقف إطلاق النار، وذلك خلال تواجده في نيويورك لحضور اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة. يأتي هذا في وقت يواصل فيه الجيش الإسرائيلي توسيع غاراته الجوية على لبنان، مما أدى إلى مقتل 81 شخصًا على الأقل، بحسب وزارة الصحة اللبنانية.

قلق من توسع الحرب

المخاوف تتزايد من احتمالية توسع الصراع ليشمل مناطق أخرى في الشرق الأوسط، خاصة بعد تصريحات رئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلي الجنرال هرتسي هاليفي، الذي أشار إلى أن الغارات الجوية على لبنان قد تكون مقدمة لعملية برية. هذه التطورات تأتي بالتزامن مع إطلاق حزب الله لوابل من الصواريخ نحو إسرائيل، مما زاد من حدة الصراع.

تدخل مصري في مجلس الأمن

من جانبه، شارك الدكتور بدر عبد العاطي، وزير الخارجية المصري، في جلسة طارئة لمجلس الأمن لمناقشة الأوضاع المتوترة في لبنان. ووصف عبد العاطي ما يحدث بأنه “عدوان مكتمل الأركان” ينتهك سيادة دولة عضو في الأمم المتحدة. كما أكد أن هذا التصعيد يعكس عجز مجلس الأمن عن وقف الحرب المستمرة في غزة منذ عام، محذرًا من أن اتساع نطاق الحرب يهدد السلام والأمن في الشرق الأوسط.

دعم إسرائيلي غير مسبوق

في تطور لافت، أكدت الولايات المتحدة دعمها الكامل لإسرائيل في هذا الصراع، حيث تم تصنيف الإمارات العربية المتحدة كشريك دفاعي رئيسي للولايات المتحدة بعد الهند، مما يفتح المجال أمام تعاون عسكري غير مسبوق في الشرق الأوسط وشرق إفريقيا والمحيط الهندي.

التصعيد العسكري والضغوط الدولية

ورغم الدعوات الدولية لوقف التصعيد، فإن إسرائيل تستمر في توجيه ضرباتها لمواقع حزب الله في لبنان، مستهدفة المناطق المأهولة بالسكان والمخازن العسكرية للحزب. وقد أكدت مصادر إسرائيلية أن تكلفة الغارات الجوية على لبنان خلال الأسبوعين الماضيين بلغت 173 مليون دولار، ما يزيد من الضغوط على الحكومة الإسرائيلية لفتح ميزانية إضافية لهذا العام.

استعدادات إقليمية لتصعيد محتمل

تشير التقارير إلى أن نحو 40 ألف مقاتل من سوريا والعراق واليمن قد وصلوا إلى منطقة الجولان، بانتظار دعوة من حسن نصر الله للانخراط في الصراع. ومع امتلاك حزب الله لأكثر من 100 ألف صاروخ، فإن السيناريو الأسوأ يتمثل في اندلاع حرب إقليمية واسعة.

غطاء لنتنياهو للتصعيد

في هذا السياق، يرى بعض المحللين أن الدعم الأمريكي والإسرائيلي للتهدئة ما هو إلا ستار يمنح نتنياهو الحرية لمواصلة تصعيده العسكري. أحمد التايب، الكاتب الصحفي والمحلل السياسي، أكد أن إسرائيل تسعى لاستغلال هذا الدعم لتحقيق أهدافها بإضعاف حزب الله وإنشاء منطقة آمنة على حدودها الشمالية. وأضاف أن الولايات المتحدة تمارس “الخداع الاستراتيجي” للتعامل مع الغضب العربي والدولي، في الوقت الذي تستمر فيه بدعم إسرائيل عسكريًا وسياسيًا.

النتيجة… صراع إقليمي أم تهدئة مؤقتة؟

مع استمرار الغارات الإسرائيلية وتصاعد الاشتباكات مع حزب الله، يبقى السؤال المطروح: هل نشهد نهاية قريبة لهذا الصراع؟ أم أن المنطقة على أعتاب حرب إقليمية أوسع قد تمتد لتشمل ساحات جديدة في الشرق الأوسط؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى