فنجان القهوة.. قصة المشروب الذي انتقل من اليمن إلى كافة أنحاء الشرق
أسماء صبحي
فنجان القهوة، وهو مشروب فريد الذي انتقل من اليمن إلى كافة أنحاء الشرق ومن الشرق انتقل إلى أوروبا. وأصبح خلال عقود مشروبًا عالميًا.
بداية ظهور مشروب القهوة
كانت بداية ظهور مشروب القهوة ترجع إلى بلاد الحبشة. وقيل إن الشيخ الإمام جمال الدين الذبحاني قد كلف بالذهاب إلى عدن للنظر في بعض الفتاوى وتصحيحها. ثم سافر إلى بلاد الحبشة وأقام بها، ووجد هناك أناسًا يشربون القهوة.
وعندما عاد إلى عدن أصابه بعض المرض فتذكر القهوة وشرب منها. ولاحظ أنها تذهب التعب والاسترخاء وتقوي الجسم وتبعث فيه النشاط. ومن هنا عرف أهل اليمن القهوة في عام 1450 تقريبًا. ومن اليمن انتقل مشروب القهوة إلى مكة ومصر وكانتا تحت الحكم المملوكي ثم إلى وبلاد المغرب وأوروبا.
وفي رواق أهل اليمن بالأزهر، ارتشف بعض صوفيي اليمن رشفات من القهوة لتساعدهم على الدراسة والاستيقاظ والذكر. وشيئًا فشيئًا انتشر أمر القهوة بين دارسي الأزهر الشريف ومن هنا كان ميلاد دخول مشروب القهوة إلى مصر في العقد الأول من القرن السادس عشر. وقد قوبلت القهوة بمعارضة شديدة من قبل رجال الدين والطبقات المتشددة.
معاداة القهوة
ففي عام 1532 قام أحد فقهاء المذهب الشافعي وهو الفقيه أحمد بن عبد الحق السنباطي بحملة عنيفة ضد المشروب الجديد. وأفتى بتحريمها وبالتالي قامت ردود فعل سلبية عليها.
واستمرت معاداة القهوة ومحاولات تحريمها بضراوة؛ ففي عام 1534 أدت خطبة أحد الأئمة في أحد المساجد عن تحريم القهوة إلى هياج شعبي. مما دفع المستمعين له لتحطيم المقاهي لتعيش القاهرة حالات شغب من أجل القهوة. وحاصر التجار المسجد من كل جانب وقرروا الاستمرار في محاصرة الشيخ ومؤيدي فتواه
وانتهى الأمر بتدخل السلطان العثماني مراد والذي قام بتعيين مفتي جديد استصدر فتوى جديده بعدم حرمة شرب القهوة. بعد أن أمر بطبخها في منزله وسقى منها جماعات بحضرته وجلس يتحدث معهم معظم النهار ليختبر حالهم. فلم ير فيهم تغيرًا ولا شيئًا منكرًا فأقرها واعتبر التجار ومؤيدي شرعية شرب القهوة أن هذا التغيير انتصار لهم ولارواح شهداء القهوة.
وفي عام 1539 هاجم صاحب العسس في شهر رمضان مستهلكي القهوة وحبس بعضهم. وفي عام 1572 صدر حكم سلطاني مفاجئ إلى القاهرة يقضي بمنع المنكرات والمسكرات والمحرمات وبغلق أبواب الحانات ومنع استعمال القهوة والتجاهر بشربها، وهدم كوانينها وكسر أوانيها.
نشاط تجاري
ولكن رغم هذه المواقف العدائية للقهوة عند البعض من العلماء والفقهاء والمتشددين. فإنها فرضت نفسها كمشروب تقليدي وأصبحت أماكن احتسائها مجالس جديدة للأنس. وفي الوقت الذي راجت فيه تجارة البن وانتقلت من اليمن إلى مصر. ومن مصر انتقلت إلى إسطنبول وأوروبا وعم استهلاك القهوة وصارت مادة تجارية مهمة.
وبفضل تجارة البن استعادت مصر بعضًا من نشاطها التجاري ودورها المحوري في العلاقات التجارية الدولية التي فقدتها باكتشاف طريق رأس الرجاء الصالح. فعادت لمصر مكانتها من جديد وساعدت علي دعم الاقتصاد، وا
وأصبحت مصر أهم مورد للبن في اسطنبول عاصمة العثمانيين. وفي كافة الأنحاء والأقاليم الخاضعة للتبعية العثمانية وإلى الدول الأوروبية.