كيف يحتفل مسلمو بلاد الشام بشهر رمضان؟ وما هي العادات التي يمارسونها؟
تتميز المدن الإسلامية بأن مسجدها الكبير يكون في مركزها، وحوله تنشأ الأحياء والشوارع والأسواق. ودمشق لا تختلف عن هذا النمط. فالمسجد الأموي يشغل موقعاً مركزياً في المدينة، ومن حوله تنتشر أحياء وطرق متنوعة.
عادات بلاد الشام بشهر رمضان
روى أحد أهالي مدينة دمشق ذكرياته في رمضان فقال: “كان الناس يبدأون التحضير لاستقبال الشهر الكريم قبل وصوله بأسابيع، فيجمعون المأكولات المختلفة للإفطار والسحور، الأغنياء والفقراء، وكانت بعض الأزقة تزين شوارعها وتبدع في ذلك، وبعضها يرحب برمضان بألعاب الخيل والسيف والدرع، وتُطلق المدافع عدة طلقات، ويقضي بعض الناس الليل عند بعضهم، أو يذهبون إلى المساجد أو ينضمون إلى الطرق الصوفية في إحياء شعائر الشهر الفضيل. ويظل الجميع مستيقظين حتى السحور حيث يقوم المسحراتي بالنقر على الأبواب أو بالضرب على طبلته، وينادي الناس باسمائهم ويغني بأناشيده، ويتبعه الأطفال أحيانا”.
يتألف السحور من الأكلات الخفيفة مثل الجبن والزيتون واللبنة وقمر الدين وشراب التمر الهندي ومربى المشمش أو التفاح (الجلاب)، لأن هذه الأكلات ترطب البطن. وبعد السحور يذهب بعض الناس إلى المسجد لصلاة الفجر ويقرؤون الأوراد والأذكار، ويسمعون إلى أحاديث بعض العلماء.
أما طعام الإفطار فكان ولا يزال على عاتق سيدة البيت، حيث تقضي يومها في تحضير المشروبات والأكلات والحلويات التي تبرع في عملها. فتعد مشروبات العرق سوس والتمر الهندي وشراب الورد ومغلي قمر الدين، وغيرها.. وتضع على المائدة إلى جانب ذلك أنواع الشوربة المتباينة والسلطات والفتوش ثم الأطباق المتعددة من محشي الكوسا والباذنجان، والفول والفتة والمزة، ثم الأرز المطهو مع الفاصوليا أو البامية، وغيرها..
كان الأطفال يجتمعون في ساحات الأحياء وينتظرون سماع صوت المدفع ليبشروا الأهل بالإفطار. والناس يفطرون على لقمات، ثم يصلون صلاة المغرب في المسجد أو في البيت، وبعضهم كان يأكل كل إفطاره ثم يقوم للصلاة.
أنواع الحلويات المحببة في رمضان
يتناول الناس بعد وجبة الإفطار الأساسية الحلويات والفواكه، ثم يشربون الشاي. ومن أنواع الحلويات المحببة في رمضان القطايف بأنواعها المملوءة بالجوز أو اللوز أو المملوءة بالقشطة أو بالجبن، والنمورة والكنافة والمدلوقة والبلورية وغيرها. ومن أنواع الفواكه المشمش والكمثرى والكرز والتفاح وغيرها حسب الموسم.
ويخرج الناس بعد ذلك إلى المساجد لصلاة العشاء والتراويح أو لحضور بعض دروس القرآن، أو لزيارة الأهل والأقارب والمعارف، أو لشراء احتياجات البيت ومستلزماته، أو للسهر في المقاهي والاستماع إلى الحكواتي، أو لحضور خيال الظل، قبل أن يدخل التلفاز ويسيطر على حياة الناس.
من العادات المصاحبة لشهر رمضان “السكبة”، حيث يقوم الأقارب والجيران بتبادل بعض الوجبات الرئيسية، قبل الإفطار بالطبع. وكان بعض أثرياء الحي ينشئون خيمة لاستضافة الفقراء أو المسافرين، ويخرجون الزكاة عن الأموال المنقولة وغير المنقولة، وفطرة رمضان كانت ولا تزال ترزق الفقراء.
ومن أهم الظواهر الاجتماعية أن القلوب كانت تنقى في هذا الشهر الفضيل، وتتم مصالحات كثيرة فيه، كانت صعبة الحل من قبل. والحياة الاجتماعية فيه تحمل كل معاني التكافل والضمان وصفاء القلوب وحل المنازعات وتقوية العلاقات.
من أهم الليالي في شهر رمضان ليلة 27 منه، أي ليلة القدر، وفيها يجتمع الناس في المساجد، يقرؤون القرآن والأوراد والأذكار، وتقيم بعض الطرق الصوفية احتفالات على طريقتها.