قلعة المقطع: شاهدة على تاريخ أبوظبي العريق

أسماء صبحي
تعد قلعة المقطع واحدة من أبرز المعالم التاريخية في أبوظبي. والتي تحمل بين جدرانها العديد من القصص التي تعكس الماضي العريق للإمارة. وهذه القلعة، التي تعود إلى القرن الثامن عشر، لم تكن مجرد نقطة مراقبة أو حصنًا عسكريًا، بل كانت جزءًا أساسيًا من تاريخ أبوظبي. كما تمثل الحماية والأمن في وقت كانت فيه المنطقة في مراحل تطورها الأولى.
تاريخ قلعة المقطع
تعتبر القلعة من أقدم القلاع في الإمارات العربية المتحدة، حيث تم بناؤها في أواخر القرن الـ18 في منطقة المقطع على ضفاف خليج أبوظبي. وكان موقعها الاستراتيجي على الحدود بين الصحراء وساحل البحر يجعلها نقطة هامة للمراقبة والتصدي لأي تهديدات محتملة. كما تظهر الدراسات التاريخية أن القلعة كانت تستخدم أيضًا كمقر سكني لحكام المنطقة، مما يجعلها مركزًا للقرار السياسي والإداري في ذلك الوقت.
تعتبر القلعة شاهدًا على التطور العمراني للمنطقة، حيث استخدم سكان أبوظبي الأساليب التقليدية في البناء، مثل الجدران السميكة والأبراج المستديرة. وكانت هذه القلعة تعتبر بمثابة الدرع الواقي لأهالي المنطقة، سواء في مواجهة الهجمات الخارجية أو خلال الأزمات الداخلية.
التصميم المعماري
تتميز القلعة بتصميمها المعماري الذي يعكس الأسلوب التقليدي في البناء في تلك الحقبة. وتمتاز القلعة بجدران سميكة وأبراج مراقبة مربعة الشكل، بالإضافة إلى فناء داخلي واسع يتيح الحركة الحرة داخلها. كما كانت جدران القلعة مزينة بنقوش وزخارف تعكس المهارة العالية في الفنون الإسلامية. وكانت الوظائف الدفاعية تُعتبر أكثر أهمية من الزخرفة في تلك الفترة.
إضافة إلى ذلك، كان للقلعة مدخل رئيسي محمي بأبراج دفاعية، ما جعلها تتحمل الحروب والنزاعات لفترات طويلة. كما كان برج المراقبة هو العنصر الأبرز، حيث كان يتم من خلاله مراقبة طرق المواصلات الحيوية، وكذلك مراقبة تحركات السفن القادمة من البحر.
معلم تاريخي
على الرغم من تطور أبوظبي وتوسعها الكبير في العقود الأخيرة. فإن القلعة لا تزال تحتفظ بمكانتها التاريخية. وتم تجديد القلعة في السنوات الأخيرة لتتحول إلى متحف يروي قصصًا عن تاريخ أبوظبي ومنطقة المرفأ. ويمكن للزوار اليوم التجول في أرجاء القلعة والاطلاع على المعروضات التي تسلط الضوء على الحياة في الماضي وكيف تطورت المنطقة إلى ما هي عليه اليوم.
وأصبحت القلعة مركزًا ثقافيًا يجذب السياح والمواطنين على حد سواء. كما تقدم عروضًا تعليمية للأطفال والكبار حول تاريخ الإمارات وتراثها. وتم تجهيز المتحف بأحدث التقنيات التي تساعد في توثيق التاريخ بطريقة تفاعلية وممتعة.
ويقول الباحث التاريخي الدكتور سعيد بن غريب، إن قلعة المقطع تمثل جزءًا لا يتجزأ من تاريخ أبوظبي ومنطقة المرفأ. وقد كانت تمثل دورًا هامًا في حماية المدينة وتحقيق الأمن في فترة كانت فيها أبوظبي مجرد نقطة صغيرة على الخريطة مقارنة بحجمها الحالي. كما تعد اليوم نقطة انطلاق لفهم ماضي المدينة، ويجب أن نوليها مزيدًا من الاهتمام لحفظ تاريخنا الثقافي والوطني.