غزوة بني المصطلق: معركة نصر وفتنة
غزوة بني المصطلق أو غزوة المريسيع هي إحدى غزوات النبي محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه ضد قبيلة بني المصطلق. والتي انتهت بانتصار المسلمين وغنائم كثيرة. ولكن هذه الغزوة شهدت أيضا محاولات المنافقين لزعزعة وحدة المسلمين والتشكيك في شرف أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها. في هذا المقال، سنتناول أسباب وأحداث ونتائج هذه الغزوة. والدروس والعبر التي يمكن استخلاصها منها.
أسباب الغزوة
– سمع النبي صلى الله عليه وسلم أن قبيلة بني المصطلق تجمعت بزعيمها الحارث بن أبي ضرار لمهاجمة المدينة المنورة. فبعث بريدة بن الحصيب الأسلمي ليتأكد من الخبر، فرجع وأخبره بصحته.
– خرج النبي صلى الله عليه وسلم مع نحو ألف رجل من المهاجرين والأنصار ومعهم ثلاثون فرسا. وكان ذلك في شهر شعبان سنة خمس هجرية.
– باغت النبي صلى الله عليه وسلم بني المصطلق عند ماء المريسيع. وهو ماء لبني خزاعة في وادي قديد. وهم غافلون وأنعامهم تسقي الماء، فهزمهم وقتل منهم عشرة وسبا منهم عشرة وسبعمائة.
أحداث الغزوة
– كان من بين السبايا جويرية بنت الحارث، ابنة زعيم بني المصطلق، وقد وقعت في قرعة ثابت بن قيس بن شماس، فأتت النبي صلى الله عليه وسلم وطلبت منه أن يعتقها ويعتق أباها وأهلها، فتزوجها النبي صلى الله عليه وسلم وأعتقها، وأعتق المسلمون سبايا بني المصطلق احتراما للنبي صلى الله عليه وسلم ولزوجته الجديدة.
– حدثت في الغزوة مشاجرة بين جهجاه بن السلت الخزرجي وسنان بن وبرة المهاجري، فنادى كل منهما بنصرة قومه، فسمع النبي صلى الله عليه وسلم صوتهما وأنكر عليهما. وقال: “أبدعوى الجاهلية وأنا بين أظهركم؟” فسكت الناس، وأمرهم بالتآلف والمودة.
– استغل عبد الله بن أبي بن سلول، رئيس المنافقين، هذه الحادثة لإثارة الفتنة بين المسلمين، فقال: “لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل”، يقصد به النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فسمع ذلك زيد بن أرقم، فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم، فاستدعاه النبي صلى الله عليه وسلم وأنكر عليه، فحلف بأنه لم يقل ذلك، وأيده المنافقون، فأنزل الله تعالى سورة المنافقين تكذيبا لهم.
نتائج الغزوة
– انتصر المسلمون على بني المصطلق وأخذوا غنائم كثيرة، وكان ذلك قبل أن يصل إليهم أي معونة من قريش أو غيرها.
– تزوج النبي صلى الله عليه وسلم من جويرية بنت الحارث. وكان ذلك سببا في دخول بني المصطلق في الإسلام، وتحسن علاقتهم مع المسلمين.
– تبين وجه المنافقين وحقدهم على الإسلام والمسلمين. وأنزل الله تعالى آيات في سورة المنافقين وسورة التوبة توبيخا وتحذيرا لهم.
دروس وعبر
– الحكمة والرفق في التعامل مع الناس، فقد كان تزواج النبي صلى الله عليه وسلم من جويرية سببا في إسلام قبيلتها وتحولهم من أعداء إلى أصدقاء.
– الحذر من الفتن والشقاق بين المسلمين. والتمسك بحبل الله والولاء للنبي صلى الله عليه وسلم. والتخلص من العصبيات الجاهلية والتفاخر بالأنساب.
– الثبات على الحق والصبر على البلاء. فقد كانت حادثة الإفك ابتلاء شديدا على النبي صلى الله عليه وسلم وأم المؤمنين عائشة رضي الله عنها. ولكنهما صبرا وتوكلا على الله، فأنزل الله تعالى البراءة والتطهير.