خشب الزيتون في فلسطين: حرفة تقليدية تحمل تاريخا وهوية
خشب الزيتون هو أحد المواد الطبيعية التي تستخدم في صناعة الحرف اليدوية في فلسطين، والتي تعكس تاريخ وثقافة ودين الشعب الفلسطيني. تعتبر شجرة الزيتون رمزا للسلام والحياة والصمود في وجه الاحتلال والظلم. ويعود تاريخ استخدام خشب الزيتون في النحت إلى القرنين السادس عشر والسابع عشر، حيث ارتبطت هذه الحرفة بدخول البعثات التبشيرية المسيحية إلى بيت لحم، والتي علمت السكان المحليين كيفية نحت خشب الزيتون وصناعة المسابح والتماثيل الدينية. ومنذ ذلك الحين، توارثت هذه الحرفة من جيل إلى جيل، وأصبحت مصدر دخل وشهرة للعديد من العائلات الفلسطينية، خاصة في محافظة بيت لحم والبلدات المجاورة لها، مثل بيت ساحور وبيت جالا.
منتجات خشب الزيتون
تتميز منتجات خشب الزيتون بجمالها ودقتها وتنوعها. فهي تشمل أشكالا دينية مثل الصلبان والمسابح والمشاهد الإنجيلية والأيقونات، وأشكالا تراثية مثل الأحصنة والجمال والقرى الفلسطينية والمنازل القديمة. وأشكالا فنية مثل الأواني والأكواب والإطارات والمجوهرات والمفاتيح والمغانط والألعاب. وتتم عملية النحت على خشب الزيتون بواسطة أدوات يدوية بسيطة مثل المنشار والمطرقة والإزميل والمبرد والملف والورق الصنفري، وتستغرق العملية ما بين أسبوعين إلى شهرين، حسب حجم وتعقيد القطعة⁴. ويتم اختيار خشب الزيتون بعناية. فهو يجب أن يكون ناضجا وجافا وخاليا من الشقوق والحشرات. ويفضل استخدام أغصان الزيتون القديمة أو المقطوعة لأسباب زراعية، وعدم الإضرار بالأشجار الحية.
تواجه صناعة خشب الزيتون في فلسطين العديد من التحديات والصعوبات. منها شح خشب الزيتون نتيجة الإجراءات الإسرائيلية على الأراضي الفلسطينية، وإبادة الزراعات وإغلاق الحقول. وإقامة المستوطنات، والتي أدت إلى اقتلاع آلاف من أشجار الزيتون. وكذلك تراجع الطلب على المنتجات الخشبية بسبب انخفاض عدد السياح والحجاج الذين يشكلون الزبائن الرئيسيين لهذه الصناعة. وزيادة المنافسة من المنتجات المستوردة أو المقلدة، ونقص الدعم والتمويل والتسويق للحرفيين والمنتجين.
رغم كل هذه العوائق، ما زالت صناعة خشب الزيتون في فلسطين تحافظ على بقائها وتطورها، بفضل جهود الحرفيين والمنظمات المحلية والدولية التي تسعى إلى دعم وتنمية هذه الصناعة. وتوفير فرص عمل وتدريب وتأهيل للشباب والنساء، وتشجيع الابتكار والإبداع والتنويع في المنتجات، وتحسين جودة وتصميم وتعبئة وتغليف المنتجات. وفتح أسواق جديدة وتوسيع قاعدة الزبائن. وتعزيز الوعي بأهمية وقيمة هذه الصناعة كجزء من هوية وتاريخ وثقافة فلسطين.