تاريخ ومزارات

مرو.. المدينه التي اختفى ذكرها من التاريخ 

هومدينة مرو، التي كانت يومًا من أعظم مدن خراسان في التاريخ الإسلامي، تقع اليوم في تركمانستان، على بعد حوالي 450 كيلومترًا غرب مدينة بلخ الأفغانية. كانت تعرف بـ”مرو الشاهجان”، وازدهرت كمركز ثقافي وعلمي واقتصادي في بلاد ما وراء النهر، حتى أصبحت واحدة من أمهات المدن في العالم الإسلامي. فتحها الأحنف بن قيس في عهد الخليفة عمر بن الخطاب، واستمرت كعاصمة لإقليم خراسان في زمن الخلافة الأموية، حيث حكمها ولاة عظام مثل المهلب بن أبي صفرة، قتيبة بن مسلم، ونصر بن سيار. وبقيت مركزًا مهمًا في عهد السلاجقة، وحتى أيام الخليفة العباسي المأمون الذي اتخذها قاعدة له.

تاريخ مرو

كانت مرو مدينة حيوية تضم أكثر من سبعمائة ألف نسمة، حتى جاءت نكبتها الكبرى على يد المغول في القرن الثالث عشر. قاد جيشًا ضخمًا أحد أبناء جنكيز خان، وبمساعدة أهل بلخ، حاصروا المدينة. خرج أهل مرو بجيش قوامه أكثر من مئتي ألف مقاتل لمواجهتهم، لكن المعركة انتهت بهزيمة كارثية. ذبح المغول معظم الجيش الإسلامي، وأسروا من تبقى، ولم ينجي إلا القليل.

بعد المعركة، حاصر المغول أسوار مرو العظيمة، ودب الرعب في قلوب سكانها. لأربعة أيام، رفضوا الاستسلام، لكن في اليوم الخامس، أرسل القائد المغولي رسالة خادعة إلى أمير المدينة، يعده بالسلام والأمان إذا خرج إليه. صدّق الأمير الرسالة، أو ربما أجبرته الظروف، فخرج مع وفد من كبار القادة والوجهاء. استقبلهم المغول بترحاب مصطنع، لكن سرعان ما تحول المشهد إلى فخ: قيد الجميع بالحبال، وأُجبروا على تسليم قائمتين، إحداهما بأسماء التجار الأغنياء، والأخرى بأسماء الحرفيين المهرة.

ثم أمر القائد المغولي بإخراج كل سكان مرو من المدينة. جلس على كرسي ذهبي، وبدأت المجزرة: قتل الأمير وكبار القادة أمام الجميع بالسيف، بينما كان الناس يبكون في صمت. كما أرسل الحرفيون إلى منغوليا للعمل هناك، وعُذّب التجار حتى كشفوا عن أموالهم، ومات كثيرون تحت التعذيب. داهم المغول البيوت، نهبوا كل شيء، وحتى نبشوا قبر السلطان سنجر بحثًا عن الكنوز. وبعد ثلاثة أيام من النهب، أصدر ابن جنكيز خان أوامره الأخيرة: قتل كل ساكن في مرو.

كما بدأ المغول بذبح الرجال والنساء والأطفال دون رحمة. قال أوقطاي خان، قائد الجيش: “من قاوم مصيره الفناء”. وهكذا، قضوا على سبعمائة ألف نسمة، وتحولت مرو من مدينة عظيمة إلى أطلال صامتة. اختفى اسمها من صفحات التاريخ، وبقيت قصتها وصمة عار تذكرنا بهول ما فعله الغزاة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى