أسرار العمارة الفاطمية: رحلة عبر الزمن في جامع الحاكم بأمر الله
في عام 990م، أقام الخليفة الفاطمي العزيز بالله مسجدًا عظيمًا في قلب القاهرة، وقد تمم بناءه على يد الحاكم بأمر الله في عام 1013م. صمم المسجد بطوب الآجر على نحو يشابه تصميم جامع ابن طولون. باستثناء المئذنتين اللتين كانتا من الحجر. لم يتضمن الرواق المؤدي إلى المحراب أي ممرات واضحة، وزينت الأقواس بتصميم يشبه حدوة الحصان، مستندةً على قواعد تتخذ شكل أعمدة في الزوايا الأربع للمسجد. كما حف بالصحن أربعة إيوانات، أكبرها إيوان القبلة.
تاريخ جامع الحاكم
يتميز جامع الحاكم بخصائص فاطمية مميزة، حيث يحتوي الإيوان القبلي على قبتين عند طرفيه وقبة ثالثة مركزية فوق المحراب، مختلفًا بذلك عن جامع ابن طولون. كما تبرز خصوصية الجامع في واجهته البحرية التي تضم مئذنتين من الحجر تحيطان بالمدخل الرئيسي المصنوع من الحجر والبارز عن الواجهة. يظهر الإزار الجصي أسفل السقف مدى براعة الفنانين الفاطميين في نحت الزخارف النباتية واستخدام الخط الكوفي كعنصر زخرفي.
تم إنشاء قواعد هرمية حول مئذنتي المسجد لتعزيزهما. إحداهما بتصميم أسطواني فوق قاعدة مربعة، والأخرى بشكل مثمن فوق قاعدة مربعة.
يذكر أن الخليفة الفاطمي الثالث، الحاكم بأمر الله، هو من أسس هذا المسجد، والذي عرف بجامع الخطبة والجامع الأنور. كما تم بناؤه خارج أسوار القاهرة القديمة، ليصبح جزءًا من المدينة مع توسع الأسوار لاحقًا.
تعد المئذنتان الضخمتان المتماثلتان، الواقعتان شمالًا وجنوبًا، من السمات البارزة للمسجد، وهما تعرفان بتصميمهما الفريد المعروف بـ”طراز المباخر”. تتألف كل مئذنة من ثلاثة أقسام، كل قسم يرتفع فوق الآخر.
القسم الأدنى: هو القاعدة المربعة الضخمة للمئذنة.
والقسم الأوسط: يتخذ شكل مثمن ويقع فوق القاعدة.
القسم الأعلى: هو الجزء الأسطواني الذي يتوج المئذنة ويستند على القاعدة المثمنة.
هذا النمط من المآذن يعرف بالطراز المملوكي، وقد شهد العصر الفاطمي بعض هذه المآذن قبل أن تصبح شائعة في العهد المملوكي. ويتمتع الجامع بصحن واسع يظهر برونقه بعد الترميم، كأن الزمن لم يترك عليه أثرًا من الدمار أو الإهمال.