الجيو.. قبائل الطين والشيكولاتة في كوت ديفوار
حاتم عبدالهادى السيد
تعد دولة ساحل العاج؛ أو ” كوت ديفوار” – بالفرنسية : Côte d’Ivoire- احدى دول غرب إفريقيا. وهي عضو في الاتحاد الأفريقي؛ تحدها غانا من الشرق،وغينيا وليبيريا من الغرب ومالي وبوركينافاسو من الشمال، وتطل من ناحية الجنوب على خليج غينيا والمحيط الأطلسي. كما تعد مدينة ياموسوكرو عاصمتها السياسية. كما تعد مدينة أبيدجان أكبر مدنها ومركزها الاقتصادي في الجنوب قرب الساحل ؛ومن أهم مدنها : بواكي، وجاجنوا. ولقد سُميت ساحل العاج لوجود الأفيال بها؛ وكان الأهالي يجمعون أنياب الفيلة في أكوام ثم يعرضونها للبيع على التجار الآتين من المحيط الأطلسي. ولقد احتلتها فرنسا؛ كما حصلت على استقلالها عام 1960م .
كما تسكن ساحل العاج عدة مجموعات عرقية إلى جانب السكان الأيفوريين. كما توجد حوالى 65 لغة في البلاد. لكم أكثرها شيوعا هى لغة Dyula لغة التجارة، فضلا عن اللغة العربية التي يتحدث بها السكان المسلمون.
وتدين ساحل العاج بالمسيحية خاصة الروم الكاثوليك إلا أن المسلمين بها. يشكلون أكثر من ثلث السكان نحو 38٪ من سكان ساحل العاج. منا يوجد بها الوثنيون ،وبعض المهاجرين من لبنان وفرنسا وكندا والولايات المتحدة. وتنتشر في ساحل العاج الطرق الصوفية المتعددة والتى ساهمت في دخول الكثير إلى الإسلام منها الطريقة القادرية والتيجانية ؛ كما توجد عدة طرق أخرى إلى جانب السنوسية القادمة من ليبيا . والمسلمون هناك على المذهب المالكي .
وتتميز ساحل العاج بكثرة السهول. كما تمتد بجوار شواطئها تربة السهول الخصبة التى تنمو فيها الغابات. كما ترتفع الأرض لتنتشر حدائق السافانا، كما تشقها أنهار عديدة من الشمال إلى الجنوب. ولقد اشتهرت ساحل العاج بزراعة القهوة والكاكاو الأرز والذرة واليام والموز، بينما ينتج القسم الجنوبي المطاط والكاكاو والبن، وساحل العاج الثالثة في إنتاج البن والخامسة في إنتاج الأناناس والموز، ويزرع القطن وقصب السكر، وتشكل الأخشاب ثروة عظيمة تسهم بخمس صادراتها، وتنتج القصدير والحديد والمنجنيز والذهب والماس من مناجم ساحل العاج.
قبائل ساحل العاج
تنتشر فى ساحل العاج أكثر من 60 قبيلة مختلفة الانتماء واللهجات والجماعات العرقية في ساحل العاج Pوذلك لأن الدول الاستعمارية قسمت إفريقيا، بحسب مصالحها، لا من حيث واقعها التاريخي والعرقي والديني، لذا يعاني ساحل العاج اليوم، كما هي حال كثير من الدول الإفريقية، من مشاكل قبلية وعرقية حادة.
في البلاد أربع مجموعات عرقية ولغوية أساسية. تنضم تحت لواء العائلة الزنجية الكونغولية. وتتمثل حسب بالأعراق الآتية: قبائل الكوا ، وقبائل غور، وقبائل الماندي ؛قبائل اللاغونات. بيتي وغيري وغريبو. وسكنت قبائل غور الشمال السافاني، وأبرزها قبائل سينوفو ولوبي وموسي.
وتوزعت قبيلة كولانغو في جميع أرجاء البلاد تقريباً. أما قبائل الماندي فانقسمت إلى مجموعتين: جنوبية تعيش شمالي النطاق الاستوائي، مثل دان وغورو، وشمالية (بامان، دويوولا، مانديكا). تعيش غربي البلاد مجاورة أقربائها في مالي. وتعيش قبيلة ديوولا في المدن. كذلك مكونة مجموعات متماسكة مغلقة تقريباً.
وفى الشمال تنتشر قبائل الفولاني ؛وسكان جمهورية ساحل العاج كافة من الأفارقة السود. كما ينقسم السكان إلى أربع فئات رئيسية وهي: مجموعة أكان وتعيش في القسم الجنوبي الشرقي، ومجموعة كرو وتقطن في القسم الجنوبي الغربي من البلاد، ومجموعة الماندينجو وتقطن في المنطقة الشمالية الغربية، ومجموعة الڤولتاوية وتقطن في المنطقة الشمالية الشرقية.
وتتشكل هذه المجموعات الأربع الرئيسية من أناس تجمعوا في الأصل من مجموعات عديدة صغيرة. ويتحدث سكان جمهورية ساحل العاج بأكثر من ستين لغة؛ كما تكثر بها العرقيات والسكان من دول أوروبية وعربية مذلك.
قبيلة الجيو (بعقوبة)
تعَدُّ قبيلة ” الجيو ” احدى القري العرقية التي تقطن شمال غرب ساحل العاج وليبيريا، و “بعقوبة “،هو الاسم الشائع لديهم داخل ساحل العاج، أما في ليبيريا فيلقبون باسم جيو.
ولقد هاجر كثير من أيناء القبيلة نتيجة التغيرات السياسية. ولكن بعد أن أصبحت ليبيريا دولة في عام 1847، بدأت الحكومة الجديدة في مونروفيا في تهدئة شعب الجيو. وتم تحقيق السلام بحلول أوائل القرن العشرين. وتسكن القبيلة القرى الصغيرة، في مجمعات سكنية تتكون من مجموعات من الأكواخ. وتبنى الأكواخ من حوائط طينية، وتصنع سقوفها من المعدن. كما أن معظم الناس يعيشون في أكواخ من الطين.
كوت ديفوار وأكبر مزارع الكاكاو والبن في العالم
تُعد ساحل العاج أو ” كوت دبفوار ” كما بُطلق عليها بالفرنسية هي أكبر منتج لثمارالكاكاو في العالم؛ حيث تصدر الكاكاو الخام الذى تقوم عليه صناعة الشيكولاتة في العالم من هذا البلد ؛ ولقد وجدنا قبيلة الجيو تزرع الكاكاو في منطقة الشمال الغربي ؛ كما وجدناهم يستقدمون الأطفال من بوركينا فاسو ومالي والبلدان الفقيرة المجاورة للعمل في هذه المزارع الكبري . ويتزايد الضغط على هذا البلد الذي يعتبر أكبر منتج للكاكاو في العالم. منا تزرع أجود انواع البن العالمي الذى يصنع منه القهوة الأوربية الشهيرة .
المرأة المتزوجة لا تذهب إلى بيت زوجها
وتعيش في بيت منفصل مع أولادها كالغرباء
في ساحل العاج؛ أو كوت ديفوار تتعدد الغرائب؛ ففي كل بلاد العالم رأينا من تتزوج تذهب لتعيش مع زوجها؛ وتأتنس بالبيت الجديد بجوار الزوج ؛ لكن الرجل فى قبيلة الجيو بساحل العاج لا يعيش معها في نفس المنزل؛ بل يسكن كل منهما فى بيت منفصل وتقوم المرأة بتربية أطفالها بعيداًعن أبيهم، هذه التقاليد موجودة بشكل قليل داخل أفريقيا،لكنها بالتحديد طقس وعادات متوارثة وجدت فى قبيلة الجيو . ومع أن تعدد الزوجات هو ثقافة سائدة داخل قبيلة الجيو، إلا أن الزوج يقوم بتخصيص كوخ منفصل لكل زوجة من زوجاته. وهي عبارة عن مسكن صغيرمصنوع من غرفة واحدة من الطين والقش. كما يعيش الأطفال مع الأم، إلى أن يبلغوا من العمر ما يكفي للخروج، وإذا أراد الزوج أن يري زوجته وأطفاله فيمكنه زيارتهم؛ أو دعوتهم ليحضروا إليه في منزله الخاص به، كما يتم الاحتفاء بالطفل الذي يبلغ سن الرشد ؛ فيتم الحاقه بمدرسة الأدغال، من أجل اكتساب القوة والمهارات اللازمة التى تعينه على مجابهة الحياة . ولعل أشجار الكاكاو؛ التى يصنع منها الشيكولاتة ومشروب الكاكاو هو السبب في تعدد الزوجات لما يضفيه هذا المشروب من قوة جسدية وطاقة روحية وعاطفية؛ تساعد على كثرة الإنجاب .
الجيو والوجوه الخشبية المصنوعة من الخشب
والملابس من البوص وألياف الأشجار
يحب شعب الجيو الفنون والرقص؛ كما برعوا في فن النحت على الأخشاب؛ ككثير من القيائل هناك؛ كما يصنعون الأقنعة ويحفرونها من الخشب ” وجوه خشبية ” كما يصنعون الملاعق الخشبية للطعام ؛ ويلبسون ثياباً زاهية . كما تشتهر قبيلة الجيو لحب الفنون؛ حيث هم ماهرون في فن النحت على الخشب، كما يقومون بصناعة مجموعة كبيرة ومتنوعة من الأقنعة، والتى لها أشكال متنوعة فريدة، هذا بالإضافة إلى الملاعق الخشبية التقليدية، وبعض الأثاث وأدوات الطعام . كما تلبس العروس وجهاً من الخشب يوضع كقناع على وجهها؛ يصنعه الرجال؛ ويلبسون الملابس المصنوعة من القش وألياف الأشجار؛ كما يلبسون الأثواب المصنوعة من القماش والكتان ؛ وكذلك يلبس الرجال ثياباً مصنوعة من قماش الكتان الفضفاضة ؛ ويتزينون بلبس الطربوش؛ و” حَطَّة الرأس “؛كما يصنعون الأكواخ كذلك من الطين؛ ويسقفونها بالمعدن .
الإله “زلان” إله شعب الجيو الذي يرونه عبر الأحلام
يعتقد شعب الجيو أن zlan هو الإله الأعلى الذي خلق الكون وكل ما فيه، كما أنه يعتقدون أنه لا يمكن لأحد الوصول إليه أو رؤيته جسديًا . كما يعبد الوثنيون إلها يسمى زلان Zlan صاحب القوة الروحية المستقلة، ولكن الحلم هو الوسيلة التي من خلالها يتواصل الناس مع الإله؛ فقد يرونه في الحلم، أو يكلمونه، ويطلبون منه مطالبهم وآمالهم، ويشكون إليه كذلك . إنها إفريقيا؛ بلاد السحر والأساطير؛ وبلاد الغرائب العجيبة الساحرة .