قبائل و عائلات

إداوبوزيا الحاحية: قصة قبيلة غنية بتاريخها العريق وموقعها الجغرافي المميز

تقع قبيلة إداوبوزيا الحاحية في قمم جبال الأطلس الكبير الغربي، وتحديداً في منطقة أيت داوود الحاحية، حيث تحتضن زاوية سيدي سعيد بن عبد المنعم الدودي الحاحي. التي تعد شاهداً حياً على الإرث التاريخي والأركيولوجي الغني لهذه المنطقة على مر العصور. وما يجعل هذه الزاوية مميزة هو دورها الحيوي كمركز صوفي مشع في قلب الأطلس الكبير الغربي. إذ أسهمت في نشر الفكر العلمي الصوفي عبر الأجيال. لقد ساهمت هذه الزاوية في تخريج عدد من العلماء والفقهاء المعروفين مثل العبدلي، محمد بن سليمان الجازولي، وسيدي سعيد بن عبد المنعم، وأحفاده. مما أكسبها مكانة مرموقة في الحركة الفكرية والعلمية التي كانت تميز منطقة إحاءن منذ العصور الوسطى.

تاريخ إداوبوزيا الحاحية

تقع أيت داوود ضمن قبيلة إداوبوزيا الحاحية التي تعد جزءاً من اتحاد قبائل حاحة. وهي إحدى أكبر قبائل المنطقة البالغ عددها 12 قبيلة. تنتشر هذه القبيلة بين تمنا وأركانه في الجنوب الشرقي على بعد 75 كيلومتراً من مدينة الصويرة. كما تحدها من الشمال قبيلة أيت زلطن، ومن الجنوب قبيلة أيت عيسى. بينما تحدها من الشرق قبائل متوكة. ووصفها المؤرخون بأنها “مدينة عتيقة بناها الأفارقة على جبل شامخ، رغم أن قمتها تنحدر إلى سهول جميلة. وفي وسطها توجد العديد من العيون الجارية ذات المياه الباردة، وتحيط بها صخور وغابات غريبة.”

في هذا الصدد قال عبدالمجيد حفصي أحد أبناء القبيلة، أن الزاوية النعيمية الحاحية المنانية داخل حدود جبال الأطلس، التي احتضنت العديد من الشخصيات البارزة على مر العصور، ومن أبرزها داوود بن خالد، الذي تعود إليه تسمية البلدة. كما يعتبر داوود بن خالد أول من استقر من أسرة المنانية في قبيلة إداوبوزيا على السفح الشمالي الغربي للأطلس الكبير الغربي. حيث يتم نسب أهل هذه المنطقة إلى سيدي سعيد بن عبد المنعم الحاحي أو “المنعم” كما يعرف في الأوساط المحلية. ويعود اللقب المناني إلى أسرة داوود بن خالد. التي تعتقد أن جدهم جاء إلى المنطقة من الحجاز من منطقة تدعى “منى”، وهو ما يعكس ارتباطهم الوثيق بهذه المنطقة.

كما يتفق العديد من الباحثين، بما في ذلك العلامة المختار السوسي، على أن استقرار هذه الأسرة في المنطقة يعود إلى نحو القرن السادس الهجري. وهو ما يوافق القرن الثاني عشر الميلادي. يذكر السوسي في تعليقاته أن جذور لقب “المناني” ليست بالضرورة مرتبطة بمكان المنية، بل تعكس قصة انتقال جدهم من الحجاز إلى سوس، حيث أسس داوود بن خالد زاويته التي أصبحت لاحقاً أحد الركائز المهمة في المنطقة.

كما تتميز أيت داوود بطابعها الأمازيغي الفريد من نوعه، حيث تعتبر اللغة الأمازيغية “تاشلحيت” جزءاً أساسياً من هوية المنطقة. إلى جانب العرف الأمازيغي الذي يظل حياً في ممارسات السكان. اقتصاد المنطقة يعتمد بشكل رئيسي على الزراعة، إذ تزخر بأشجار اللوز والزيتون والخروب. إلى جانب العسل “تمنت” الذي يعتبر من أهم المنتجات المحلية. كما تشتهر المنطقة بتربية الماشية مثل الماعز، البقر، والدواجن، مما يعكس تكامل الطبيعة الجغرافية مع الحياة اليومية للسكان.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى