تاريخ ومزارات

سندريلا القرن العشرين.. أسطورة غرام البيجوم “أم حبيبية” والأغاخان

أسماء صبحي

على إحدى ربى محافظة أسوان، يرقد صاحبي أشهر أسطورة حب وود وإخلاص تخطت حدود الزمان والمكان لتنتهى في ربوع تلك المحافظة الضاربة في قلب الصعيد. ولعلك عزيزى القارىء تتساءل من هما ؟ وما هذا الحب الذى جمع بين قلبيهما، إنهما ألاغاخان وبجواره زوجته وحبيبته البيجوم أم حبيبة. سندريلا القرن العشرين التي تحالفت معها الأقدار لتقفز من فوق أسوار القهر و والفقر لتصبح زوجه للأغاخان.

هو السلطان محمد شاه (والملقب بالثالث) الإمام الثامن والأربعون للطائفة الإسماعيلية النزارية (أحد طوائف الشيعة). والذي استمرت إمامته من عام 1885 – 1957) والذى يدين له بالولاء أكثر من خمسة وعشرون مليوناً من من أبناء هذه الطائفة.

ولد في الثاني من نوفمبر 1877 في كراتشي عندما كانت جزءاً من بلاد الهند وجمع بين التعليمً الشرقي والديني والتعليم الغربي. حيث درس في كلية إتون وفي جامعة كامبردج، وتقلد منصب الإمامة خلفا لأبيه وهو ابن سبع سنين.

زواج الأغاخان والبيجوم

انسحب من الحياة السياسية خلال الحرب العالمية الثانية وانتقل للعيش في سويسرا بعد أن تم تكريمه من عدد من الحكام والملوك. من أمثال الملكة فيكتوريا والملك إدوارد السابع والملك جورج الخامس وإمبراطور ألمانيا وسلطان تركيا العثمانية وشاه إيران.

تزوج الأغاخان من أربعة زوجات كانت آخرهن حبيبته ومعشوقته الفرنسية الرقيقة البيجوم أم حبيبة. اسمها الحقيقي (لافيت لابروس ) ابنه أحد سائقي الترام في مدينه كان الفرنسية. أما والدتها فكانت تعمل خياطة لسيدات الطبقة الراقية في ذات المدينة الفرنسية.

تمتعت لافيت بجمال أخاذ فعلق الوالدان أحلامهما على جمال ورشاقة ابنتهما بائعة الورود. منتظرين الفرصة التى من شأنها أن تغير من حياتهم وحياة ابنتهما لتدق الفرصة أبواب الابنه ذات الأربعة والعشرين ربيعاً. عندما قررت خوض مسابقة الريفير الفرنسية لاختيار ملكة للجمال لتتوج لافيت ملكة للجمال الفرنسي عام 1930.

دعيت ملكة الجمال المتوجة لمصر في نهايات الثلاثينات من القرن بدعوة من القصر الملكي في مناسبة الاحتفال بأعياد الميلاد. وكان الأمير أغاخان يتصدر قائمة المدعوين في الحفل الملكي عندما وقعت عيناه للمرة الأولى على تلك الفاتنة الفرنسية، التي دعيت لافتتاح الرقص مع أحد الأمراء المصريين.

وقع الأغاخان ذي الثماني والستين عاماً في غرام الملكة المتوجه فسارع إلى التعرف إليها معرباً عن إعجابه الشديد بجمالها. وأخذ يتقرب منها وخاصة بعد طلاقه لزوجته الثالثة عام 1940 عارضاً عليها الزواج مقدماً مبلغ “مليون فرنك فرنسي” كأول هدية خطوبه لو قبلت الزواج منه.

إسلام زوجة الأغاخان

اننتهى الأمر بإعلان لافيت لإسلامها ليتزوجها فى حفل أسطوري بعد عام واحد من التعارف، لتتحول تلك الفاتنة التي كانت تعمل بائعة للورد في فرنسا إلى امبراطورة متوجة على عرش الطائفة الإسماعيلية. التي ظل الأغاخان يترأسها حتى وفاته، ويتحول اسمها إلى “أم حبيبة”، بعد انضمامها للطائفة.

عانى الأغاخان في أواخر حياته من الروماتيزم وآلام في العظام مقعداً عن المشى جالساً على كرسيه المتحرك. ولم تشفع له ملايينه في العلاج بعد أن فشل أعظم أطباء العالم حينها في علاجه. فنصحه أحد الأصدقاء بزيارة أسوان فأن فيها شتاء دافئ عجيب و شعب طيب حبيب.

جاء أغاخان إلى أسوان في عام 1954 بصحبة زوجته وحاشيته و مجموعة كبيرة من أتباعه وأحضروا له أفقه شيوخ النوبة بأمور الطب. فنصحه بدفن نصف جسمه السفلي في رمال أسوان ثلاث ساعات يومياً و لمدة أسبوع وأتبع الأغا خان نصائح الشيخ النوبي وبعد أسبوع من الدفن اليومي عاد أغاخان إلى الفندق ماشياً على قدميه. وحوله فرحة عارمة من زوجته و أنصاره و مؤيديه.

وفاتهما

عشق أغاخان والبيجوم أم حبيبه نيل أسوان وقررا أن يزورا أسوان كل شتاء، وأقاموا في فيلا تطل علي نهر النيل. وقرر الأغاخان أن يبتني مقبرة فخمة على ربوة عالية بالبر الغربي للنيل في مواجهة الجزء الجنوبي للحديقة النباتية على الطراز الفاطمي صممها له شيخ المعماريين العرب ورائد العمارة الإسلامية دكتور مهندس فريد شافعي أستاذ العمارة. ووصى بأن يدفن في هذه المقبرة حين مماته وتوفى الخان في عام 1959 وأشرفت أم حبيبة على مراسم دفنه.

كان أغاخان يعشق الورود و خاصةً الحمراء , فكان يملأ كل الغرف التي يجلس فيها بالورود.حيث تقول البيجوم أم حبيبة: “كان زوجى يقرأ كثيرًا ويحرص على وضع وردة في إناء بجواره، وبين حين وآخر يشمها ويستمتع بعبيرها”

و كما اجتمع الأغا خان و زوجته أُم حبيبة على حُب الورود، فقد افترقا أيضاً على حُبِه. فقد كانت البيجوم حريصة على الإقامة لفترة بالقصر الذي شيده زوجها في أسوان، وحرصت على زراعة حديقة القصر بنوع بالورود الحمراء التي كان يحبها الأغاخان.

وتنتقل يوميا لزيارته في قبره ووضع الزهور الحمراء فوقه، فكانت توضع كل يوم في التاسعة صباحا وردة حمراء جديدة من نوع ” رونرا بكران ” داخل كأس فضي على قبر الأغاخان بواسطة أحد العمال.

كانت أُم حبيبة تأتى مرة كل عام لمدة إحدى وأربعين عاما مهما كانت الظروف لتغير الوردة بيدها، وكانت تذهب للمقبرة بمركب ذو شراع أصفر حيث أن كل المراكب الشراعية ذات أشرعة بيضاء. ليعرف أهالي أسوان أن أُم حبيبة قد جاءت و أنها لم تنسى زوجها الحبيب وأصبحت مقبرة أغاخان مزاراً سياحياً شهيرًا.

توفيت البيجوم في يوليو 2000، بعد أن أوصت أن تدفن في القبر الذي دفن فيه زوجها قبل عقود، وفية لذكراه. لتظل المقبرة شاهده على ذكرى أشهر عاشقين شهدهما العالم خلال منتصف القرن الماضي. ولتتحول إلى مزار للعشاق من كل لون، تقديراً لنموذج من الوفاء النادر لزوجة أحبت زوجها حتى الجنون.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى