تاريخ ومزارات

حقول مصر وغيطانها.. متنزهات وحدائق في العصرين المملوكي والعثماني

أسماء صبحي 

تمثل غيطان (حقول) مصر وبساتينها متنزهات بديعة في العصرين المملوكي والعثماني، وكانت تحيط بالقاهرة من الشمال والغرب والجنوب. وقد وصفها المؤرخ ابن ظهيرة بأنها عظيمة وكثيرة ومناظرها عالية ومياهها جارية. فيها كثير من الأشجار النضرة والأزهار العطرة والرياحين، والفواكة الكثيرة من غالب الثمار لكن الحوامض فيها أكثر.

وثمة مشهد خلاب لا نزال نرى مثيله إلى اليوم بريفنا المصري. كان يغلب على حقول مصر والقاهرة في العصرين المملوكي والعثماني وعد واحد من محاسن القاهرة ألا وهو منظر القرط (البرسيم) بأراضي مصر في أيام الربيع. فإنها تصير تربة خضراء بمنظر بهيج إذا وقف الناظر فيها يرى مد بصره يميناً وشمالا بساطا أخضر، جلت عظمة خالقة. ويشم فيه روائح طيبة ونسيما طيبا، ويشاهد غيما كثيفا وظلًا رقيقاً وطيورًا مختلفة الألوان والأشكال والأصوات. ولهذا قال بعض الحكماء: من أراد أن ينظر إلى شبة الجنة فلينظر إلى ديار مصر في زمن الربيع قبل الشمس

أسماء حقول مصر

تقول علياء داود، الخبيرة في التراث، إنه بالنظر إلى خرائط الحملة الفرنسية للقاهرة نرى إحاطة الحقول (الغيطان) والبساتين بحدودها الشمالية والغربية والجنوبية. وكانت مسماة بأسماء الامراء والشيوخ ومن أكبرها غيط (بستان) قاسم بك الذي كان يجتمع فيه أعضاء المعهد المصري ومجلس العلوم والفنون خلال الحملة. وكان يوجد داخل المدينة نفسها عدد كبير من البساتين البهيجة أهمها اثنان وعشرون بستانًا يسمى الواحد منها الواحد تبعا لحجمة غيط أو جنينة.

وأضافت أن جومار قارن بين بساتين القاهرة وبساتين فرنسا، وذكر أن بها اختلافًا كبيرًا لأن بساتين القاهرة كانت تتألف من مشاجر كثيفة ومجاميع من أشجار البرتقال والليمون وتكعيبات العنب. وفيها أشجار السنط والتين والجميز أضخم أشجال مصر – متداخلة مع النخيل ذي الجذع المتطاول وأشجار التوت والرمال والنبق والآس والسنط المصري وأشجار الموز ذى الأوراق العريضة والفاكهة اللذيذة. وكانت بساتين فرنسا على النمط المعمول به بساتين وحدائق اليوم من تقسيمها بممرات وتغطية أرضها بالنجيل الأخضر وإقامة المقاعد بها وغير ذلك.

وتابعت إن جومار أبدى إعجابه بلمسة جمال وجدها في حدائق القاهرة بقوله” وإذا كنا لا نشعر في هذه البساتين بمتعة الرحلة. ففي المقابل يمكننا أن نأخذ بها قسطاً من الراحة داخل أكشاك مغطاة بالأعراش حيث يدخن فيه مرتادوها دخانا طيب الرائحة وحيث نستنشق بها طوال العام هواءا تفوح منه أذكى أنواع العطور”.

وكانت ضواحي القاهرة من متنزهاتها في العصرين المملوكي والعثماني وكانت تحيط بها الحقول والبساتين من كل جانب. ومن أهم تلك الضواحي أرض البعل والتاج والخندق، وكوم الريش، ومنية السيرج.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى