تاريخ ومزارات

بالسيف والنار والماء.. كيف تخلص المماليك من آخر سلاطين بني أيوب؟

أميرة جادو

اعتمد المماليك في حكمهم على قاعدة أساسية وهي “الحكم لمن غلب”، حتى أصبحت قاعدة دموية تصل إلى قتل أو اغتيال أكثر من عشرين سلطانًا، وذلك نتيجة وقوع مؤامرات بين الأمراء وبين السلاطين المماليك، ومن يتابع تاريخ الدولة المملويكة منذ البداية يعرف أنها قامت على مبدأ الدم منذ البداية.

ويمر علينا اليوم ذكرى قيام الملك عز الدين أيبك بإنهاء حياة منافسه في الحكم الأمير أقطاي والتخلص منه، وبذلك توطد له حكم المماليك، وذلك في 18 سبتمبر عام 1254، وهو صورة من صور المؤامرات التي قام بها الأمراء والحكام ضد بعضهم البعض، لكن هذه المؤامرات بدأت منذ نهاية الدولة الأيوبية، وبالتحديد عندما قامت السلطانة شجرة الدر بالتخلص من نجل زوجها نجم الدين، السلطان توران شاه.

ووفقًا لما جاء في المجلد السادس، من موسوعة “النجوم الزاهرة” لابن تغر بردى، تبين أن توران شاه لم يكن رجل سياسي، فرغم أنه كان في بدايته استبشر الشعب به خيرًا، إلا أنه اظهر ما نفر منه الجميع، ويذكر المؤلف انه احتجب عن الناس أكثر من أبيه العادل، وكان إذا سكر يجمع الشموع ويضرب رؤوسها بالسيف فيقطعها ويقول “هكذا أفعل بالبحرية” يقصد مماليك أبيه الذى جعلهم بقلعة البحر بجزيرة الروضة، ثم يسمى مماليك أبيه بأسمائهم، وإهانتهم.

نهاية توران شاه

كما كان توران شاه يرسل لزوجه أبيه شجرة الدر، التي سافرت إلى القدس بعد وفاة والده، ويهددها ويطلب منها المال والجواهر، فخافت منه، ممن جعلها تكتب العديد من الشكاوى للمماليك، فاتفق الجميع على قتله، وفى يوم 27 محرم وهو جالس على السماط فضربه بعد المماليك بالسيوف التي أدت لقطع أصابع يده، ثم دخل البرج الخشب وكان بفارسكور حينها، وصاح: “من جرحنا؟”، قالوا الحشيشية. فقال: “لا والله البحرية، والله لا أبقيت منهم بقية”.

قام باستدعاء “المزين” ليخيط يده وهو يتوعدهم، فقال بعضهم لبعض، تمموه ولا أبادكم، فدخلوا عليه إلى أعلى البرج، فأوقدوا النيران حوله البرج ورموه بالنشاب، فرمى نفسه وهرب نحو البرج وهو يقول: ما أريد ملكًا، دعوني أرجع إلى الحصن يا مسلمون، ما فيكم ما يصطعني ويجيرن”، وكانت العساكر واقفه فما أجابه أحد، فتعلق بذيل الفارس أقطاي فلم يجيبه، فقطعوه إلى أشلاء وبقى على جانب البحر ثلاثة أيام منتفخًا لا يحسر أحد أن يدفنه حتى شفع فيه رسول الخليفة العباسي، حتى دفنه.

وذكر كاتب موسوعة “النجوم الزاهرة” شعر لـ عماد الدين بن درباس، يقول:

رأى بعض أصحابنا الملك الصالح أيوب في المنام يقول:

“قتلوه شر قتله/ صار للعالم مثله/ لم يراعوا فيه إلا لا ولا من كان قبله/ ستراهم عن قليل/ لأقل الناس أكله”، وكانوا قد جمعوا في قتله ثلاثة أشياء السيف والنار والماء، وهكذا كانت نهاية آخر خلفاء دولة الناصر صلاح الدين وآخر سلاطين الدولة الأيوبية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى