احمد الشريف يكتب:حتى المرتبات تمنع أمريكا تسليمها
احمد الشريف يكتب:حتى المرتبات تمنع أمريكا تسليمها
من المفارقات العجيبة أن نسمع هذه الأيام تصريحات لمسؤولين أمريكيين يؤكدون فيها بأن الحل الأمثل لإنهاء العدوان على اليمن يتمثل في الدبلوماسية والحوار في الوقت الذي تضغط فيه الإدارة الأمريكية على النظام السعودي بعدم تسليم المرتبات المستحقة للموظفين اليمنيين
من ثروات الشعب اليمني المنهوبة والمكدسة في البنك الأهلي السعودي، وكذلك أفشلت ما كان قد توصل إليه الطرفان اليمني والسعودي من تفاهمات وهو ما يكشف الوجه القبيح للإدارة الأمريكية وتبنيها للعدوان على اليمن وإصرارها على استمراره إلى مالا نهاية خدمة لمصالحها ومحاولة منها لتوسيع مناطق احتلالها التي يشرف عليها السفير الأمريكي من قصر المعاشيق في عدن، والذي نصب نفسه مؤخراً الحاكم الفعلي للمحافظات المحتلة، ولذلك فما تصريحات بعض المسؤولين الأمريكيين المنادية لإحلال السلام في اليمن عبر الدبلوماسية والحوار ليس إلا لذر الرماد في العيون بهدف تضليل العالم حول الموقف الأمريكي المعادي للشعب اليمني وهو تضليل مفضوح بدليل أن أمريكا هي من يضغط على مجلس الأمن حتى لا يغير موقفه ويصدر قراراً بإيقاف العدوان على اليمن بعد فشله في تحقيق أهدافه المعلنة وهي سياسة تهدف بدرجة أساسية إلى فرض المزيد من تضييق الخناق والاستمرار في سياسة الحصار والتجويع المفروضة على الشعب اليمني للعام التاسع على التوالي، هذا الحصار غير المبرر الذي وصل إلى حد غير مقبول أو معقول لا من الناحية الأخلاقية والإنسانية والقانونية، ولا حتى من ناحية الأعراف الدولية إضافة إلى انتهاك الحظر للحقوق الإنسانية للأطفال والشيوخ والنساء الذين ألحق بهم هذا الحصار الظالم المصاحب للعدوان أبلغ الضرر، ولا أيضا من حيث تصادمه وتعارضه مع مصالح العديد من الدول التي ظلت تربطها مصالح مع اليمن بما فيها الدول المجاورة التي أصبحت خاضعة للإرادة الأمريكية والرغبات البريطانية وهو ما يذكرنا بذلك الحصار الظالم الذي فُرض على العراق في فترة سابقة وكان هدفه إخضاع العراق بمبرره الظاهري لقرارات الشرعية الدولية بينما الحقيقة أن الهدف من الحصار كان تدمير العراق وإخضاعه لإرادة أمريكا وبريطانيا وهذا ما حدث فعلا فيما بعد عندما تم غزوه واحتلاله والسيطرة على مقدراته وما يزال يعاني منه حتى اليوم.
نحن على ثقة أن العالم بات يرفض بشدة الظلم والعدوان المفروض على الشعب اليمني لولا الضغوط الأمريكية ولا يرى في استمرار الحصار عليه ما يبرره وهو منطق يستقيم مع حقائق الواقع التي لم يدركها أولئك الذين لم ينظروا إلى معاناة شعب بأكمله أنهكه العدوان والحصار ولكن تملكتهم دون أدنى شعور بالمسؤولية الإنسانية والأخلاقية الرغبة في الانتقام منه وتدميره حتى وإن رفعوا شعار المناداة بتحقيق السلام، وهم يدركون في يقينهم أنهم غير قادرين على تحقيق ذلك طالما والإدارة الأمريكية هي صاحبة الأمر والنهي ولا يستطيع أي طرف من أدواتها الخروج عن طاعتها وإرادتها وهنا يطرح السؤال نفسه: هل آن الأوان للوقوف بموضوعية وإنصاف إزاء ما يتعرض له الشعب اليمني من عدوان وحصار ظالم مضى عليه ما يقارب تسعة أعوام ويزداد تصعيدا خاصة هذه الأيام بعد أن عادت ما يُعرف بدويلة أو مشيخة الإمارات لتفعيل دورها ودعم مرتزقتها تلبية للرغبة الأمريكية وهل سيتم استيعاب المتغيرات وتفهم حقائق الواقع بعيداً عن عجرفة القوة أو التعصب الأعمى الذي لا يؤدي سوى إلى ارتكاب المزيد من الشرور والآثام..؟!
لقد بينت فترة العدوان الماضية معادن الرجال وكشفت زيف الأقنعة التي ظلت تخادع الشعب اليمني ردحا من الزمن بل وكشفت في الوقت نفسه أن العملاء والمرتزقة الذين ارتموا في أحضان أعداء اليمن قد رصدت لهم العملات الصعبة لغرض قذر يستهدف تفجير وتمزيق الوطن اليمني ووحدته من الداخل وهي محاولة رخيصة لضرب القوى الوطنية المتصدرة لمشهد الدفاع عن الوطن وسيادته وحريته واستقلاله، وقد برهن هؤلاء العملاء من خلال وقوفهم مع تحالف العدوان أنهم كانوا وراء معظم المؤامرات التي تعرض لها الشعب اليمني قديما وحديثا بهدف تمزيق نسيجه الاجتماعي والتأثير على وحدته الوطنية عبر شق الصفوف غير مدركين أن اليمن اليوم وبعد كل هذه التضحيات الجسام في مواجهة تحالف العدوان يستعد للانتقال إلى مرحلة جديدة من تثبيت الدولة الحديثة وهو ما يتوجب على كل القوى السياسية والشعبية المخلصة لهذا الوطن المعطاء وأرضه الخيرة بأن تضطلع بواجباتها تجاه كل الحملات والتآمرات المعادية لليمن ولوحدته وتلاحمه من خلال ائتلافها وتوحيد كلمتها والتمسك بوحدة الصف ضد كل من يحاول اختراقه أو المساس به خاصة بعد أن أصبح كل شيء مكشوفا وظهرت حقيقة كل المتآمرين الذين لم يستطيعوا التخلي عن طبيعتهم التآمرية التي تطبعوا عليها وشربوا من كأسها حتى الثمالة.
إن من حق الشعب اليمني الذي بذل الغالي والنفيس في سبيل تحقيق هدفه الأسمى المتمثل في تحرير قراره السياسي من الوصاية الخارجية ووضع حد نهائي للهيمنة على مقدراته، وكذلك من حق قواته المسلحة ولجانه الشعبية صانعة الانجازات أن يفتخروا بما تحقق ويعلنوها للعالم كله وبصرخة مدوية أنهم قادرون على حماية مكتسباتهم الوطنية، والحفاظ عليها ولتظل الأرض اليمنية هي منبع العروبة وموطن الأنصار الذين شهد لهم الرسول الأعظم عليه أفضل الصلاة والسلام بالإيمان والحكمة.