فاروس.. منارة الإسكندرية القديمة وأحد عجائب الدنيا السبع
أسماء صبحي
فاروس، منارة الإسكندرية القديمة أوفنار الإسكندرية هي واحدة من عجائب الدنيا السبعة، وكانت تعد فيما مضى ثالث عجائب العالم القديم، أقيمت المنارة في الجزء الشرقي من جزيرة فاروس (phare ) وسميت باسمها. وقد أصبح اسم جزيرة فاروس علمًا على اصطلاح المنارة أو الفنار في اللغات الأوربية. ومنه اشتقت كلمة “فارولوجي” للدلالة على علم المنارات أوالفنارات.
تاريخ إنشاء منارة فاروس
وتقول علياء داود، الخبيرة في التراث المصري، إن تاريخ إنشاء منارة الإسكندرية يعود إلى عام 280 ق.م (القرن الثالث قبل الميلاد)، وكان الغرض من بنائها هو هداية البحارة عند سواحل مصر المنخفضة. فقد كان النور المنبعث من النار الموضوعة في قاعدة المنارة ينعكس من المرايا النحاسية كضوء يتجه إلى المناطق المحيطة بالمنارة.
وأضافت داود، أن تشييدها بدأ في عصر بطليموس الأول وانتهى بناؤها في عصر بطلميوس الثاني. وقد بناها المعماري والمهندس الإغريقي سوستراتوس.
وتابعت داود، إن بناء المنارة كان من الحجر الجيري أما الأعمدة فكان أغلبها من الجرانيت. وقد حليت أجزاء من البناء بالرخام والبرونز. ومما يذكر عن “المنارة” أنها كانت مبنية بالحجارة المنتظمة والمطلية بالرصاص على قناطر من الزجاج. وتلك القناطر على ظهر سرطان بحري.
ويقال إن جملة تكاليف البناء وقتها بلغت 8 آلاف تالنت (talent )، أي ما يعادل ربع مليون جنيه.
وصف المنارة
وأشارت الخبيرة في التراث، إلى أن المنارة مكونة من أربعة طوابق. وكان ارتفاعها مابين 120 متراً إلى 135 متراً. والطابق الأرضي من المنارة كان ارتفاعه حوالي 60 متراً. وكان مربع الشكل وبه العديد من النوافذ وعدد من الحجرات يبلغ عددها 300 حجرة. وكانت مجهزة لسكن عمال تشغيل المنارة وأسرهم. وكذلك لتخزين الآلات والأدوات الخاصة بالمنارة. وينتهي هذا الطابق بسطح في جوانبه الأربعة تماثيل ضخمة من البرونز تمثل تريتون( triton) ابن نبتون ( Neptune ) إله البحار.
واستطردت: “أما الطابق الثاني فقد كان مثمن الأضلاع وارتفاعه نحو 30 متراً. والطابق الثالث مستدير الشكل يعلوه قمة المنارة وبها مصباح كبير ( فانوس ). وهو مصدر الإضاءة في المنار، وقد أقيم على ثماني أعمدة تحمل قبة فوقها تمثال يبلغ ارتفاعه حوالي سبعة أمتار. ويرجح أنه كان لإله البحار والزلازل “بوسيدون “.
طريقة إضاءة المصباح
ولم يتوصل المؤرخون على وجه الدقة إلى طريقة إضاءة هذا المصباح (الفانوس ) المرتفع جداً. ويقال إن الصعود إلى المنارة والنزول منها كان يتم عن طريق سلم حلزوني.
كان يوجد في فناء المنارة آلة رافعة تعمل بنظام هيدروليكي كانت تستخدم في نقل الوقود (الخشب) إلى قمة المنارة حيث يوجد المصباح. وقد ذكر الرحالة العربي ابن جبير، أن ضوء المنارة كان يرى من على بعد 70 ميلاً في البحر. وعن طريقة نقل الوقود إلى أعلى المنارة هناك رأيان :
- رأي يقول بأن الوقود كان ينقل عن طريق آلة رافعة تعمل بالنظام الهيدروليكي.
- ورأي آخر يقول بان رفع الوقود الخشبي إلى مكان المصباح في الطابق الأخير كان يتم عن طريق الدواب. فقد ذكر المؤرخ فوستر أن صفاً طويلاً من الحمير كان في حركة دائبة ليل نهار صعوداً ونزولاً عبر منحدر حلزوني. وهي تحمل على ظهرها الوقود الخشبي إلى أعلى المنار.
وقالت داود، إنه كان يوجد في قمة المنارة مرآة ضخمة كاسرة للأشعة تتيح رؤية السفن القادمة من بعيد قبل أن تتمكن العين المجردة من رؤيتها. وهي أشبه بمنظار مكبر مما يدعو للظن بأن علماء الإسكندرية قد توصلوا الى العدسات في ذلك الوقت. فمن المؤكد أن البناء قد زود بأحدث ما وصل إليه العلم وقتها.
وقد سقط المصباح وتحطمت المرآة في عام 700 ميلادية. وبذلك فقدت المنارة وظيفتها منذ ذلك الوقت وقبل أن يدمرها الزلزال تماما في القرن الرابع عشر الميلادي.
ترميم منارة فاروس
في عام 880م، قام ابن طولون بترميم المنارة، ثم رممت بعد ذلك في عام 980م. وفي حوالي عام 1100م سقط الجزء المثمن الشكل إثر زلزال عنيف ولم يبقى من المنارة سوى الطابق الأول المربع الشكل. والذي أصبح بمثابة نقطة مراقبة وشيد فوقه مسجد.
وفي عام 1303 في عهد الناصر محمد بن قلاوون حدث زلزال دمر حصون الإسكندرية وأسوارها. وقد وصف المقريزي ما أصاب الإسكندرية من دمار. وذكر أن ركن الدين بيبرس الجنشكير قد رمم المنارة 703.
وفي عام 1477م، زار الإسكندرية السلطان الأشرف قايتباي، وأمر ببناء حصن على أنقاض المنارة ( عند تهديد الأتراك بغزو مصر ). وبالفعل أقيم هذا الحصن عام 1480م وهو ما عرف ببرج قايتباي ثم طابية قايتباي ثم قلعة قايتباي. والتي لا تزال قائمة إلى اليوم.