حوارات و تقارير

خبيرة في التراث تكشف تاريخ إنشاء الحمامات الشعبية.. وهذه أشهرها

أسماء صبحي

لا تزال الحمامات الشعبية في القاهرة تحمل نبضاً مصرياً وموروثًا حضارياً جاهد ليبقى على قيد الحياة بعاصمة المعز. تبهر روادها بروعة معمارها، ورائحة تاريخها العظيم الذي ينبعث من ثنايا جدرانها. ويرجع السبب في إنشاء هذه الحمامات قديماً، إلى أن التجار كانوا يسافرون عن طريق البحر والصحراء مسافات طويلة ومتعبة. ولذلك كان الذهاب إلى هذه الحمامات من أجل الاسترخاء والتخلص من عناء ومشقة السفر. وشيئا فشيئا ذاع صيت تلك الحمامات التي باتت ملتقى الحكام والتجار وعامة الشعب على حد سواء.

دور الحمامات الشعبية في المجتمع المصري 

وتقول أميمه حسين، الخبيرة في التراث، إن الحمامات الشعبية لعبت دوراً هاماً في المجتمع المصري. فكان تمثل “منتدى” يقضي فيه الأصدقاء وقتاً طيباً سواء للرجال أو النساء. كما كانت تمثل عنصراً رئيسياً في تقاليد الزواج والختان ويتساوى في ذلك الفقراء والأغنياء. وقد سجلت في كتاب وصف مصر تفاصيل هذه الاحتفالات.

وتابعت حسين: “أنشئت الحمامات الشعبية العامة مع بداية العصر الإسلامي. حيث أنشأ عمرو بن العاص حماماً بالفسطاط، وهو أول حمام عام بني في مصر. ويذكر المقريزي أن الخليفة العزيز بالله هو أول من بني الحمامات في العصر الفاطمي”.

وأضافت حسين، أن العصر الذهبي للحمامات الشعبية في مصر، بدأ في زمن العثمانيين. حيث كان الأتراك يطلقون عليها اسم “الطبيب الأبكم”. لوجود بعض المعالجين الذين كانوا يعملون بها مستخدمين الأعشاب الطبية وبعض الزيوت العطرية لعلاج المفاصل. والالتهابات وبعض أمراض الجلد، ويعالجون المرضي فى صمت تام من دون كلام.

وأشارت إلى أن مصدر المياه والبخار في الحمام كان بيت الحرارة. الذي يحوي مغطسًا وحوضًا ممتلئًا بالمياه الساخنة التي تصل إليه عبر بئر للمياه في أسفل الحمام. ويتم تسخين المياه بالمستوقد الذي يوجد بجوار الحمام. الذي يكون غارقاً في سحب البخار المنبعثة من المياه الساخنة.

أشهر الحمامات 

وخضعت هذه الحمامات لرقابة شديدة من المحتسب أوصاحب الشرطة أو الولي شخصياً. حيث كانت تمر حملات تفتيشية للاطمئنان على نظافة الحمامات ومنع المصابين من الأمراض المعدية من ارتيادها حرصًا على الصحة العامة. فضلاً عن تخفي رجال الشرطة في زي العامة والدخول إلى هذه الحمامات كزبائن لمراقبة مدى الالتزام بالأخلاق العامة والآداب ومواجهة الانحرافات الأخلاقية.

وكان عدد الحمامات الشعبية في مصر 137، انخفضت إلى 57 حماما في عام 1888. ثم تقلص العدد إلى 16 حماماً أثريا ً في القاهرة وكان أشهر الحمامات الشعبية في ذلك الوقت حمام “بشتك” الذي تم بناؤه في عام 1431 بأمر من الامير بشتك. وحمام “مارجوش” الذي بعود انشاؤه إلى عام 1780. وحمام “السلطان دانيال” الذي انشيء عام 1456.

ومن بين الحمامات الشعبية، التي لا تزال تقاوم وتعمل في مجالها. حمام الأربعاء في منطقة بولاق الدكرور ويقدر عمره بنحو 500 عام. وحمام الملاطيلي في حي باب الشعرية ويعود عمره لأكثر من 580 عاماً. إلى جانب حمامات أخرى شهيرة مثل حمام “التلات” و”السلطان” و”العباسية”.

وظلت الحمامات الشعبية مزاراً دائمًا لبشوات عصر ثورة 1952. والذي انتعشت فيه الحمامات وكانت مكاناً للسمر وتبادل ألوان الحديث في الحياة الاجتماعية والسياسية. وفي الوقت الحاضر آلت تبعية الحمامات بالكامل لوزارة السياحة وهيئة الآثار.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى