لقّبها بالوديعة.. كيف احترم المصري القديم “القطط”؟
يقول المؤرخ هيرودوت: “إنه إذا ما نشب حريق في منزل كان أول ما يفكر فيه المصري القديم هو إنقاذ القطط من اللهب غير عابئ بمحتويات المنزل”، بحسب ما أورد فرانسوا ديناند وروجيه لشتنبرج في كتابهما (الحيوانات والبشر تناغم مصري قديم)، مؤكدا أن المصري القديم أحب حيواناته المستأنسة لدرجة التقديس.
مدينة القطط
ويشير الكتاب إلى أن أصل القط المصري المستأنس ينحدر من القط الأفريقي المتوحش، والذي استمر في التعايش معه في الحقبة التاريخية، بينما بقيت بعض الأنواع على وحشيتها، مثل قط المستنقعات، والذي يعتبر طبقا للكتاب الجد الأكبر لكل قططنا الحديثة.
ويلفت الكتاب إلى أن أول تسجيل لاستئناس القطط يرجع إلى عصر الأسرة السادسة (2345-2181 ق .م)، وهو عبارة عن نقش وجد في مقبرة الملك بيبي الثاني بسقارة، حيث وجدت علامة هيروغليفية لاسم مدينة “مياو ” والتي تعني مدينة القطط، ويلفت الكتاب إلى أن اسم القط الذكر كان (مياو) بينما للأنثى (مياوات) أو (تاميات).
صديق الفلاح
ويوضح الكتاب أن القط في بادئ الأمر استخدم كأحد أساليب الفلاح في مواجهة القوارض ومنعها من التسلل إلى الزروع وإفسادها أو التسلل إلى مخازن الغلال، مشيرا إلى أحد المناظر الموجودة بمقابر بني حسن بالمنيا والتي تظهر قطا وقد أطبق بفكيه على فأر صغير.
كما يلفت الكتاب إلى أن دور القطط تطور في عصري الدولة الوسطى (2134-1690 ق.م) والدولة الحديثة (1549-1069 ق.م)، لنشاهد مناظر لقطط تقوم بصيد الطيور والأسماك، ومثال ذلك ما وجد في مقبرة نب أمون (حوالى 1450 ق .م)، في المنظر الذي يظهر فيه قط كبير مخطط وهو يعاون الملك في اصطياد الطيور.
الوديعة
ويلمح الكتاب إلى أن القطط في عصر الدولة الحديثة وما تلاها، أصبحت للمصاحبة والمرافقة، وهو ما يفسر تعدد المناظر التي تظهر فيها القطط في أوضاع متعددة، كما وضح تدليل المصريين لها من خلال تزينيها بالقلائد الذهبية المرصعة بالجواهر.
ويوضح الكتاب أن القطط لم تحظ بأسماء مثل الكلاب، ولم يوجد إلا اسما واحدا أطلق على القطة وهو “الوديعة”، ويشير الكتاب إلى أن ولع المصريين بالقطط بلغ ذروته في التابوت المصنوع من الحجر الجيري لقطة الأمير تحتمس ابن الملك أمنحتب الثالث (1388-1350 ق.م)، حيث صورت القطة على جانبي التابوت جالسة في علياء أمام قائمة القرابين، والتي احتوت على السمك والبط واللبن، ومثلت الألهتين إيزيس ونفتيس وهما يبسطان ذراعيهما لرعاية المرحومة “تاميات المبرأة”.
ويلفت الكتاب إلى ما قاله المؤرخ هيرودوت، مؤكدا مكانة القطط عند المصريين القدماء، حيث قال: “إن قط البيت إذا ما مات، فإن جميع سكانه يحلقون حواجبهم”.