“الحصان أهم من الفارس”.. تعرف على رياضة تدريب الخيول في مصر القديمة
دعاء رحيل
اقترنت رياضة تدريب الخيول في مصر القديمة بالعربة الحربية، بعد تجربة قاسية عاشها الشعب المصري في القرن السابع عشر “ق.م” حين قدم الملوك الرعاة أو “الحقا سو” بعجلاتهم الحربية التي تجرها الخيول واستطاعوا احتلال الدلتا، وكما استطاع المصريون طرد أول غزاة، استطاعوا أيضا أن يصنعوا أول عجلة حربية، ونجحوا في تطويرها.
ويشير وولفنج ديكير في كتابه “الرياضات والألعاب في مصر القديمة”، إلى أنه بحلول النصف الثاني من الألفية الثانية قبل الميلاد وظهور الثقافة الأرستقراطية بالشرق الأدنى، بدأ المصري القديم يتعامل مع العربة الحربية على أنها نموذج معبر عن فروسيته وعن طبقته الاجتماعية، وبدأ الاهتمام برياضة ترويض وتدريب الخيول بعيدا عن ميادين القتال.
الحصان أهم من الفارس
ويلفت ديكير إلى أنه كان من المناقشات التقليدية التي تجري في المقابلات الرسمية والدبلوماسية بين ملوك مصر وممالك الشرق الأدنى أسئلة حول مدى جاهزية الخيول والاعتناء بها والذي كان يعكس مستوى تقدم وازدهار فن قيادة العربات الحربية، ويظهر مدى تمكن الفارس المحارب من أدواته.
وكان من الشائع القول بأن احتياجات الحصان أهم من احتياجات الفارس، مشيرا إلى أنه لم يثبت ظهور سباقات العربات في مصر القديمة، واقتصر استخدامها على الحروب، وكان أول نقش ظهر فيه سباق العربات في العصر الإغريقي “332 إلى 31 ق.م”.
“إنه يعرف الخيول”
ويوضح ديكير أنه لم يتم العثور على نص يشرح طريقة تدريب الخيول، مثل نص “كيكوليس” من الثقافة الحيثية أو مثل ما كان شائعا في الإقليم السوري في ذلك الوقت، ولكن كان من الشائع الاستعانة بخبراء في تدريب الخيول في الاصطبلات المصرية، لا يقلون عن نظرائهم في المملكة الحيثية، ملمحا إلى أنه ذكر في لوحة أبو الهول والتي ترجع إلى عصر الملك أمون حتب الثاني بالأسرة الثامنة عشر “1500 ق. م”، وصف لمدرب خيول الملك نصها :”أنه يعرف الخيول أكثر من أي شخص أخر في جيشه”.
كما تطرق النص إلى ولع وحب أمون حتب للخيول عندما كان وليا للعهد فيقول: “عندما كان أميرا صغيرا أحب أحصنته، وكانت تجلب له السعادة، وكان قلبه ثابت حين يمتطيها، وكان يعرف شخصية كل واحد منهم، وتم تعليمه كيف يدربهم وأصبح خبيرا في ذلك”.
الاسطبل الملكي
واستمر شغف الملوك بتربية الأحصنة حتى عصر الملك رمسيس الثالث بالأسرة العشرين “1196-1070 ق.م”، ويصور أحد النقوش بمعبد مدينة هابو الملك وهو يشير إلى زوج من الأحصنة ويقوم بالتفتيش على اصطبله، ويذكر النص بأن الملك قد قام بتدريب الأحصنة بيديه.
ويلفت ديكير إلى أن الشغف بتدريب الأحصنة لم يكن قاصرا على الملوك والأمراء، بل امتد إلى الأشخاص العاديين، حيث انتشر في عصر الدولة الحديثة “1570-1070 ق.م” ثقافة أن يدرب الشخص حصانه بنفسه كعلامة على فروسيته.
ويورد ديكير أحد النصوص التي وجدت بمعبد مدينة هابو بالبر الغربي بالأقصر، وهو المعبد الجنائزي للملك رمسيس الثالث، والذي يقدم صورة مختصرة عن طريقة أسلوب تدريب الخيول، والنص عبارة عن تقرير من مشرف الاصطبل إلى رئيس الاصطبلات، يقول فيه:
“إن أحصنة سيدي جيدة، فلقد أشرفت بنفسي على وضع أفضل الحشائش لهم “البردي” وأعطيتهم طعامهم اليومي وكلفت صبيان الاصطبل بوضع الماء لهم وأقوم بتنظيفهم مرة كل شهر واسمح لهم بالمشي خارج الاصطبل مرة كل عشرة أيام”.