تاريخ ومزارات

هل كان المصريون القدماء أول من عرفوا الصوم؟

دعاء رحيل

في دراسة حملت اسم “التطور التاريخي للصيام” ذكر الدكتور رافد علاء الخزاعي، أن كلمة “صاو” تعني امتنع أو كبح والحرف “ام” هو حرف جر بمعنى من أو عن ليصبح معنى الكلمة مجتمعة امتنع عن أو امتنع من حسب قاموس “د.بدوي وكيس: 198”.

ما ذكره الخزاعي دليل على أن المصريين القدماء عرفوا شعيرة الصوم ومارسوها في أعيادهم كنوع من التقرب إلي الإله، ويعتقد الدكتور نديم السيار أن المصريين القدماء كانوا يصومون شهرًا قمريًا كاملًا منذ عهد النبي إدريس صاحب الديانة الصابئة.

أنواع الصوم

تنوع الصوم في مصر القديمة بين الصوم الواجب والمستحب وصوم التطوع، فمثلا عرف المصريون القدماء فوائد صوم 3 أيام في كل شهر للحفاظ على الصحة العامة، كما اعتادوا أن يصوموا احتفالا بأعياد وفاء النيل والحصاد وبداية السنة الجديدة لذلك من الثابت أن ينقسم الصوم في مصر القديمة إلى نوعين هما صوم الكهنة وصوم الشعب.

صيام الكهنة

ويبدأ صيام الكهنة منذ التحاق الناسك بخدمة المعبد فعليه أن يصوم لسبعة أيام متتالية دون طعام أو شراب، بهدف التطهر من علائق الجسد والنفس ولتجهيزه للمهام الروحية التي تلقاها، وذكر بعض الباحثين أن الصوم يمكن أن يمتد إلى 42 يوما.

ويمر الكاهن بمراحل في صومه أولا بصيام 10 أيام عن اللحوم والنبيذ ثم يعقب ذلك تلقينه واجباته بالمسائل المقدسة، ثم يستأنف الصوم لعشرة أيام أخرى يمتنع فيها كل طعام فيه الروح ويتغذى على خبز الشعير والماء، ليترقى إلي مرحلة أعلى في المهام الروحية، ثم في العشرة أيام الأخيرة يمتنع عن جميع أنواع الطعام والماء، وصوم الكهنة كان يبدأ منذ طلوع الشمس وحتى غروبها وكان يشتمل على عدم مباشرة النساء ويقضونه في التطهر والنسك والتعبد.

صيام الشعب

كان صيام الشعب لمدة أربعة أيام من كل عام تبدأ عندما يحل اليوم السابع عشر من الشهر الثالث من فصل الفيضان وهو صوم كامل يمتنع فيه الصائم عن الطعام والشراب والنساء من طلوع الشمس وحتى الغروب.

ونوع آخر من الصوم يسمى بصوم الانقطاع، الذي يستمر لمدة 70 يوما يحرم فيه تناول أي شيء عدا الماء والخضر، بالإضافة إلي صيامهم في أعياد وفاء النيل وأعياد موسم الحصاد.

وتجدر الإشارة هنا إلى ما ذكره صلاح الدين عبد الله في بحثه المنشور في مجلة العربي بعنوان “شعيرة الصيام عبر التاريخ” “إذا صرفنا النظر تلقاء الديانة المصرية القديمة، فسوف نراها تذيب الحدود الفاصلة بين الدنيا والآخرة، بحيث تضفي على مظاهر الحياة مقدارًا من قدسية الآخرة، كما تنفث في عالم الآخرة مقدارًا من صخب الحياة، وطبيعي أن يجيء الصيام عندهم معبرًا عن هذا الاتجاه، فقد عرف المصريون القدماء الصيام كفريضة دينية، يتقرّبون بها من أرواح الأموات، ويعتقدون أن صيام الأحياء يرضي الموتى لحرمانهم من طعام الدنيا، وهو في الوقت نفسه تضامن معهم، ويعرف الصيام لديهم بأنه فريضة دينية، يتقرّبون بها إلى الإله أو أرواح الموتى ممزوجة بشيء من الطقوس المبهمة، التي رسمها الكهنة، ويمتنعون فيه عن بعض المأكولات، وصيامهم نوعان هما: صيام الكهنة، وصيام الشعب”.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى