تاريخ الكتاتيب في الإسلام.. بدأت في عصر الفتوحات وذكرها عمر بن الخطاب
ظلت الكتاتيب على مر العصور الإسلامية مركزًا رئيسيًا للعلم والتربية، واستمرت في أداء هذا الدور حتى العصور الحديثة. العديد من الأجيال، بما في ذلك مشاهير وكبار العلماء، تعلموا فيها وحفظوا القرآن الكريم، لكن السؤال هو: متى بدأ ظهور الكتاتيب؟
الكتاتيب أصل التربية في الإسلام
ووفقًا لما ذكره أحمد فؤاد الأهواني في كتابه “التربية في الإسلام” الذي قدمه مصطفى عبد الرازق، أن الكتاتيب لم تكن موجودة عند ظهور الإسلام، إذ لم يكن في بلاد العرب آنذاك نظام تعليمي منتظم، وكان العرب يعرفون بالأمية، رغم وجود إشارات تدل على حالات فردية من التعلم.
الجديد في الكتاتيب أنها أتاحت فرصة ديمقراطية للتعليم لجميع الأطفال، وهي صيغة لم تكن معروفة في بداية الإسلام. ويشير الأهواني إلى أن هذا النظام التعليمي انتشر لاحقًا وأصبح جزءًا أساسيًا من المجتمعات الإسلامية.
انتشار الإسلام وبناء المساجد
بحسب ما ورد عن ابن حزم، فإن انتشار الإسلام في جزيرة العرب كان مصحوبًا ببناء المساجد وتعليم القرآن، حيث قال: “مات رسول الله والإسلام قد انتشر وظهر في جميع جزيرة العرب… وكلهم قد أسلم وبنوا المساجد، ليس منها مدينة ولا قرية إلا قد قرئ فيها القرآن في الصلوات وعلمه الصبيان والرجال والنساء وكتب”. وأضاف أن هذا النهج استمر في عهد أبي بكر وعمر، حيث انتشر الإسلام إلى بلاد الفرس والشام ومصر. وتم بناء المساجد ونسخ المصاحف وتعليم القرآن في المكاتب شرقًا وغربًا.
في تاج العروس، ترد قصة توضح وجود الكتاتيب في زمن عمر بن الخطاب. ويشار إلى أن عمر سأل أعرابيًا إن كان يحسن قراءة القرآن، وحين وجد أنه لا يعرف، أسلمه إلى الكتاب لتعلم القراءة والكتابة. وقد نظم الأعرابي أبياتًا يصف فيها تجربته قائلاً:
أتيت مهاجرين فعلَّموني ثلاثة أسطرٍ متتابِعاتِ
كتابَ اللهِ في رَقٍّ صحيح وآيات القرآن مفصَّلاتِ
من هذه الروايات، يتضح أن الكتاتيب بدأت بالظهور خلال عصر الفتوحات الإسلامية الكبرى في بلاد الفرس والشام ومصر وجزيرة العرب، حيث أصبحت وسيلة لنشر التعليم وترسيخ العقيدة الإسلامية. أما قبل ذلك، فقد كان الإسلام يركز على نشر الدين في جزيرة العرب التي كانت مراكزها الأساسية مكة والمدينة. بينما كانت بقية المناطق تتبع حضارات مختلفة، مثل الفارسية والرومانية.