هل سقطت الخلافة الإسلامية بسقوط الدولة العثمانية؟.. خبير يجيب
أميرة جادو
مرت أمس الذكرى الـ99 لسقوط الدولة العثمانية وقيام الجمهورية التركية على أنقاضها، وكان أول رئيس لها مصطفى كمال أتاتورك، وذلك فى 29 أكتوبر عام 1923، ويعد هذا التاريخ هو تاريخ سقوط الخلافة الإسلامية، لمؤيدي دولة آل عثمان، فهل حقا كان العثمانيون ينطبق عليهم لقب خليفة؟
شروط الخلافة الإسلامية
وفقًا لما جاء في كتاب “الأحكام السلطانية” للفقيه والقاضى أبو الحسن الماوردى، فإن نظام الخلافة الإسلامية اعتمد في الأساس على أربعة شروط هي:
- البيعة الحرة بغير إكراه أو تدليس.
- العمل بالشورى فى القرارات المهمة.
- الحكم بالعدل المبين شرعًا.
- قرشية النسب.
إضافة لشروط فرعية كسلامة الجسد والحواس، والاستقامة فى السلوك الشخصي، وغيرها.
وأشار الكاتب السعودى محمد السعدى، إلى أن أبوبكر الصديق رضى الله عنه هو الوحيد فى التاريخ الإسلامى الذى ينطبق عليه لقب خليفة رسول الله، فهو يحتكر هذا اللقب لوحده بلا منازع، وحتى عمر بن الخطاب، وهو من هو، لم يكن ينطبق عليه لقب خليفة رسول الله.
ومن جهته، أكد الكاتب سالف الذكر، إن كلًا من أبوبكر وعمر وعثمان وعلي، رضى الله عنهم، يمثلون أركان الخلافة الراشدة، وبنهاية عصرهم أسدل الستار على حقبة من حقب التاريخ الإسلامى لن تتكرر مجددا، لأن لها ظروفها الخاصة بها التى لن تتجدد فى أى عصر آخر، فهؤلاء الأربعة قد عاصروا الرسول.
وفي السياق ذاته، قال وليد فكري، الباحث فى التاريخ الإسلامي، أنه بقيام الخليفة الأموى الأول معاوية بن أبى سفيان بتغيير نظام تداول السلطة من الاختيار الحر والبيعة الحرة إلى “التوريث لولى العهد” تم إقصاء الشرط الأول سالف الذكر، وبقي الشرطان الثانى والثالث -الشورى والعدل- رهن سياسة الحاكم، بينما تم التمسك بشدة بالشرط الرابع، قرشية النسب.
نظام العباسيون والخلافة
وأضاف “فكري”، أن العباسيون قد ورثوا هذا النظام وبقى الخليفة هو رأس الدولة شكلًا وفعلًا حتى نهاية العصر العباسىي الأول بارتفاع نفوذ قادة الجند من الجنس التركى واغتيالهم الخليفة المتوكل على الله ثم ابنه المنتصر بالله، وتحول الخليفة إلى مجرد “صاحب منصب شرفي” بل ألعوبة فى أيدى القادة الذين كان الحكم الفعلى بأيديهم.
اما عن سبب عدم اتخاذ المماليك لأنفسهم لقب “الخليفة”، وأوضح “فكرى”، أن السبب يرجع إلى مراعاة احترام الشروط الشرعية للخليفة وعنصر قرشية النسب-الذى وإن كان مختلفا عليه إلا أنه كان محل تمسك والتزام-والمعروف عن المماليك أنهم كانوا يتمسكون بشدة بتلك الشكليات خاصة مع مساسها بالشعور العام للمسلمين.
والجدير بالإشارة أن هناك قصة قد ظهرت وانتشرت،فى القرن الثامن عشر-وتحديدًا في عهد السلطان العثماني عبد الحميد الأول، تفيد بأن الخليفة العباسي الأخير -المتوكل على الله- قد سلم الخلافة للسلطان سليم الأول، وبهذا فإن السلطان هو خليفة المسلمين وأمير المؤمنين، الغريب أنه لا المصادر العربية ولا العثمانية قبل هذا الوقت تناولت هذه الواقعة المزعومة.. فلو نظرنا مثلًا فى كتابات الرحالة العثماني-أوليا جلبي- والذى كان متعصبًا لآل عثمان، أو المؤرخ العثمانى إبراهيم بجوى أفندي، فإننا لا نجد ذكرًا لواقعة التنازل وهى واقعة المفترض أن يحتفى بها المؤرخ العثمانى.
ولم يذكر في كتابات ابن إياس-المعاصر لبداية الاحتلال العثمانى-اي معلومة هن هذا الخبر، وهو أمر جلل لم يكن ليتجاهله فواقعة خروج الخلافة من بيت عربى قرشى إلى بيت عجمى تركى هى واقعة مهولة لا يُسكَت عنها!.