تاريخ ومزارات

قرية الراوية.. الذاكرة المنسية للسيدة زينب وملاذ اللاجئين عبر العقود

تحمل منطقة السيدة زينب جنوب العاصمة دمشق اسما رسميا مسجلا في السجلات العقارية هو قرية الراوية، وهو اسم قد لا يعرفه كثيرون ممن ارتبطت ذاكرتهم بالمكان بوصفه مركزا دينيا وسياحيا مزدحما، ويشير الباحث والروائي السوري الفلسطيني تيسير خلف إلى أن سكان قرية الراوية الأصليين كانوا من أهالي الغوطة، قبل أن تشهد المنطقة تحولا ديموغرافيا كبيرا عقب عام 1967، حين انضم إليهم لاجئون فلسطينيون ونازحون سوريون من الجولان، ما أدى إلى إنشاء مخيمين في المنطقة، كان أحدهما يعرف باسم مخيم الست.

تاريخ قرية الراوية

وخلال النصف الثاني من القرن العشرين وحتى بدايات الألفية الجديدة، سكن المنطقة بشكل أساسي اللاجئون الفلسطينيون والنازحون السوريون من الجولان، وظلوا يشكلون الأغلبية الساحقة من السكان حتى قرابة ثمانينيات القرن الماضي، وتشير التقديرات إلى أن نسبتهم وصلت في بعض الفترات إلى نحو تسعين في المئة من إجمالي سكان المنطقة، ما جعل قرية الراوية مساحة مفتوحة لتلاقي آلام اللجوء وتجارب النزوح المتكررة.

وتنقسم المنطقة جغرافيا إلى قسمين رئيسيين يفصل بينهما شارع عام يؤدي مباشرة إلى مدينة دمشق، وينقسم كل قسم بدوره إلى أربعة أحياء، يتوسطها مرقد السيدة زينب الذي يشكل القلب الديني والرمزي للمنطقة، ويعد الحي الجنوبي الشرقي الذي يضم المرقد المنطقة السياحية الأبرز، حيث تنتشر الفنادق والأسواق المكتظة بالزوار، بينما يقع المخيم الفلسطيني في الجهة المقابلة، إلى الجنوب الغربي من هذا الحي.

أما السكان العراقيون، فقد استقروا بشكل أساسي في الحي الشمالي الشرقي، وتحديدا في المنطقة المعروفة باسم شارع العراقيين، وشهدت منطقة السيدة زينب تحولا كبيرا مع مطلع الألفية الجديدة، تمثل في الازدياد الملحوظ لأعداد العراقيين، خاصة بعد الغزو الأمريكي للعراق عام 2003، إذ تحولت المنطقة إلى وجهة رئيسية للآلاف ممن فروا من العنف والاقتتال.

وفي هذا السياق، تشير الباحثة إديث أندريا إلك زانتو في كتابها على خطى السيدة زينب المذهب الشيعي الإثني عشري في سوريا المعاصرة الصادر عام 2019 إلى أن سوريا استقبلت ورحبت بمئات الآلاف من العراقيين الذين غادروا بلادهم بعد عام 2003، ومنحتهم صفة زائرين مؤقتين، وتوضح أن أعداد العراقيين في سوريا قدرت بحلول عام 2005 بنحو مليوني شخص على الأقل، حمل بعضهم معهم مبالغ مالية كبيرة، ما أسهم في إحداث تغيرات اجتماعية واقتصادية واضحة داخل منطقة السيدة زينب ومحيطها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى