تاريخ ومزارات

في ذكرى تنصيبه.. كيف وصل محمد على باشا واليا إلى حكم مصر؟

يصادف اليوم ذكرى تنصيب محمد علي باشا واليًا على مصر في عام 1805، وهي لحظة مفصلية جاءت في سياق من الصراعات العنيفة والانقسامات السياسية التي كانت تسيطر على البلاد آنذاك.

بين الجور والفراغ السياسي

ووفقًا لما جاء في كتاب مصر من الفتح العثماني إلى قبيل الوقت الحاضر لعمر الإسكندري وسليم حسن، فإن محمد علي باشا قد سعى إلى تخليص القطر المصري من تسلط المماليك وجورهم، ليقدم بذلك خدمة جليلة للدولة تمحو ما سبق من أخطائه وتمرده.

وقد مهد لذلك بأن أطلق سراح خسرو باشا – الذي كان معتقلًا – بعد علمه بأن الباب العالي قد عين واليًا جديدًا بديلًا عن والي الجزائر.

وعلى الرغم من إطلاقه، رفض الجنود إعادة خسرو للحكم، ما اضطر محمد علي إلى نفيه إلى رشيد، ومن ثم أبحر إلى القسطنطينية بعد أن ادعى عجزه عن حمايته.

تولي خورشيد.. وسقوطه

وفي وقت قصير وصل أحمد خورشيد باشا إلى مصر كوالٍ جديد، وأقر الجيش من الأتراك والألبان بولايته، لكنه أظهر ضعفًا وعدم كفاءة في إدارة البلاد، وعجز عن دفع رواتب الجنود، فعادوا إلى السلب والنهب.

وفي المقابل، سلك محمد علي طريقًا مغايرًا، إذ منع أتباعه الألبانيين من نهب الأهالي وسعى لحمايتهم من ظلم الجنود الأتراك، ما دفع الشعب للالتفاف حوله وطلبوا منه أن يضع حدًا للفوضى مقابل دعمهم المالي لأتباعه.

مواجهة المماليك والدلاة

وفي تلك الأثناء، وصل أمر سلطاني إلى خورشيد باستدعاء الألبانيين وقائدهم محمد علي، فتأهب للرحيل، إلا أن كبار الأمة وعلماءها طلبوا من محمد علي البقاء، فوافق، في هذه اللحظة، كانت جموع المماليك تستعد للهجوم على القاهرة، فكلف خورشيد محمد علي بقيادة الجيش لمواجهتهم، فقاتلهم في معارك عدة دون حسم.

ثم جاء جيش من الدلاة، أكثر وحشية من الموجودين، ليحل محل الألبانيين، فشعر محمد علي أنه محاصر بين خصمين، فعاد إلى القاهرة وواجه الجيش الجديد عند منطقتي “البساتين” و”دير الطين”، مدعيًا أنه جاء للبحث عن النفقة والمؤن، وأن هدفه حماية الوالي والسلطان ومحاربة المماليك. فانخدع الجنود بكلامه، وفتحوا له الطريق إلى القاهرة.

دخل محمد علي العاصمة كمنتصر، بعد أن عقد اتفاقًا مع الدلاة وقدم لهم الهدايا، فأصبحوا حلفاءه ضد خورشيد باشا، وسمح لهم بجمع الضرائب وأكلها.

القاهرة تحت الحصار

لما طغى فساد الدلاة، ثار الأهالي مجددًا، وطلبوا من محمد علي أن يكون واليًا عليهم، وافق وشن هجومًا على خورشيد الذي احتمى بالقلعة، وبحث خورشيد عن وسيلة للتخلص من محمد علي، فطلب من الباب العالي تعيينه واليًا على جدة، غير أن محمد علي لم يلتفت لهذا القرار، وحاصر خورشيد في القلعة وقصفها بشدة في صفر 1220هـ (مايو 1805م).

الدعم الشعبي والحسم

وفي هذه اللحظة المفصلية، اجتمع علماء مصر وكبار وجهائها، وأعلنوا تنصيب محمد علي واليًا على البلاد، وتقدم إليه الشيخ الشرقاوي والسيد عمر مكرم، نقيب الأشراف، وألبساه “الكرك” إيذانًا بتسلمه الحكم، وكان عمر مكرم يتمتع بنفوذ واسع في مصر، وأيد محمد علي بكل قوته لأكثر من أربع سنوات، بشكل لم يسبقه إليه أحد.

ثم أرسل العلماء وفدًا إلى الباب العالي يلتمسون العفو عما بدر منهم بحق الوالي ويطلبون تثبيت محمد علي في منصبه، حينها أدرك السلطان مدى دعم المصريين لمحمد علي، وأنه بات الحاكم الفعلي للبلاد، فأصدر أمرًا رسميًا بتثبيته واليًا على مصر في ربيع الآخر 1220هـ (1805م)، وعندما وصل النبأ إلى خورشيد باشا، سلم القلعة وتخلى عن الحكم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى