ثورة قبيلة الهوارة أول تظاهر حدث في تاريخ الصعيد ..اعرف القصة
دعاء رحيل
قبيلة هوارة هي أول قبيلة أطلقت احتجاجا شعبيا في التاريخ الإسلامي وفق الوثائق التاريخية. بالإضافة إلى وجود تحالف بين القبائل المختلفة في محافظات الصعيد، وذلك بقيادة شيخ العرب همام. نتج عن ذلك إعداد جيش من المقاتلين بقيادة إسماعيل الهواري ، ابن عم همام وصهره. ثم حارب جيوش المماليك بقيادة علي الكبير حليف الروس في ذلك الوقت.
استقلال الصعيد
وفي هذا السياق قال الدكتور عبد الباقي القطان أستاذ التاريخ الإسلامي بجامعة عين شمس: “عرف الصعيد حكومات كثيرة مستقلة في أيام الفراعنة. ولما جاء الحكم الإسلامي باتت مصر موحدة تحت حكومة مركزية سواء في عهد الخلفاء الراشدين حيث كانت العاصمة في المدينة المنورة مقر أمير المؤمنين، وعندما آل الحكم إلى الأمويين كانت الحكومة المركزية في دمشق. وعندما قام العباسيون بالاستيلاء على الحكم انتقل مقر الحكومة إلى بغداد. ولما ضعف حكم العباسيين، وهاجم المغول بغداد، بقيت الخلافة في مصر، وظلت القاهرة مقرًا للحكومة حتى الآن.
كما تابع أستاذ التاريخ الإسلامي، “قد لعب الأعراب والبدو دورًا بارزًا في وحدة مصر، وكانوا ينتقلون من مكان لآخر. وكان الولاة والحكام يقاتلونهم من أجل إجبارهم على الإقامة في مكان واحد. حيث كانت القبائل العربية تتقاتل فيما بينها على مناطق النفوذ والفلاحين. ورغم ذلك فلم يحدث أن أي قبيلة عربية استطاعت بحكم منطقة من البلاد التي بسطت عليها نفوذها، حيث لم تتمكن أي قبيلة من الاستيلاء على الحكم وتنادى بشيخها حامًا عامًا على مصر”.
ثورات شعبية
فيما أضاف عبد الباقي: أكد التاريخ أنه كانت هناك ثورات شعبية في أيام المماليك قام بها الأهالي ضد ظلم المماليك وجبروتهم. حيث أن تلك الثورات كانت تفشل بسبب خلوها الأيديولوجيات الفكرية. حيث أنه لم يشجع الفكر الديني السائد في ذلك الوقت عملية الاستقلال عن الحاكم. بالإضافة إلى الخطباء في المساجد يدعون باسم الحاكم، لكي لا يميلون إلى فكرة الخروج عليه، كان ذلك بسبب عدم رغبة رجال الدين في إغضاب الحكام والولاة، مما لاشك فيه أن التوجه الديني لم يمنع قيام ثورات على الظلم وعلى الحكام. كانت قبائل الهوارة قد وفدت إلى مصر من المغرب واستقرت في بادئ الأمر في البحيرة. وفي النهاية وقد قام زعيمها بدر بن سلام بثورة كبيرة في عهد الأمير برقوق. حيث امتنع عن أداء التزاماته وجباية الخراج، وقد هاجم دمنهور في خمسة آلاف رجل نهبوا أسواقها وبيوتها وخربوا قراها، وكان برقوق وقتها منشغلًا في محاربة الترك.
و استكمل أستاذ التاريخ الإسلامي حديثه قائلًا: “فور الانتهاء منهم وجه حملة واسعة إلى بدر سلام وتخلص من ثورته، ثم فر هاربًا إلى بدر بن سلام إلى برقه. وقام برقوق بنفي الهوارة إلى منطقة جرجا بالصعيد سنة 1380. وكانت وقتها قاحلة وخربة، فقاموا إصلاحها وزراعتها بقصب السكر فأثروا من وراء ذلك”. وبناءً على ذلك استقرت قبيلة هوارة حول مدينة جرجا. التي كانت ولاية كبيرة أيام المماليك. ولهم فروع تمتد من جرجا شمالًا إلى المنيا. وبفضل ما تمتع به الهوارة من ثراء تمكنوا من السيطرة على الصعيد، وتمردوا على الحكومة.
قبيلة الهوارة
وقال عبد الباقي، إن ثورات قبيلة الهوارة في العصر المملوكي بقصد التطلع إلى الحكم، وثورة أخرى تحت زعامة قبيلتي هوارة وبنو سليم قامت بها قبائل البدو والعربان في مصر عام 651 هجريًا، 1253 ميلاديًا. بزعامة الشريف بن حصن الدين بن ثعلب الذي تم الحكم عليه بالشنق في عهد بيبرس الأول، وقد انتهت تلك الثورة إلى إعلان استقلال الصعيد. واستمر الاستقلال لمدة 7 أعوام. ثم قام الشريف حصن الدين بن ثعلب بمنع جنود بنى أيوب من تناول الخراج، كما صرح هو وأصحابه “إننا أحق من المماليك العبيد. وقد كفأنا خدمنا بني أيوب وهم خوارج خرجوا على البلاد”.
وتابع أستاذ التاريخ الإسلامي: اجتمع العرب مع الأمير حصن الدين ثعلب وبايعوه وهو بناحية دهروط صربان. ودخل معركة معهم وانتهت المعركة بهزيمته وفرار أصحابه. ثم طلب الشريف بن حصن الدينالي الأمان من الملك المعز ولكنه انخدع وقام المعز بشنقهم جميعًا. كما بعث بالشريف بن حصن إلى ثغر بالإسكندرية. فحبس بها وسلم لواليها الأمير شمس الدين محمد بن باخل.
وتعتبر ثورة الصعيد هي أول ثورة اشترك فيها العربان والبدو مع المصريين والفلاحين. ثم تم إخمادها بعنف، وكان الهدف منها إقامة سلطة بدوية مستقلة عن المماليك في مصر.