حوارات و تقارير

«قلعة العريش» .. أكبر قلعة في سيناء شُيدت من الطين والحجارة

«قلعة العريش» .. أكبر قلعة في سيناء شُيدت من الطين والحجارة

كتب: محمود الشوربجي

تقع قلعة العريش على ربوة مرتفعة كان قديما كثيب رملي يوصف بأنه أعلى نقطة في مدينة العريش، وهي الأثر المتبقي من أحداث الماضي في مدينة العريش عاصمة شمال سيناء، كما كانت أهم الحصون الحربية في الإقليم الشمالي في شبه جزيرة سيناء.

الدكتور سامى صالح
الدكتور سامى صالح

قال الدكتور سامي صالح عبد المالك، الباحث الآثاري وخبير الآثار الإسلامية، في حديث خاص لـ«صوت القبائل العربية» أن قلعة العريش تعد من أكبر القلاع التي شيدها العثمانيين في مصر، وهي قلعة كبيرة مساحتها 85×75 متر بواقع 6375 متر مربع، وهذا ما بين الأبراج، أما بالأبراج تصل إلى 120× 100 متر بواقع 12000 (12 ألف متر مربع).

 

وأضاف الخبير الآثاري، أن العوامل التي أثرت عليها كثيرة ولكن أبرزها هو الإحتلال والتفجيرات في أزمنة الحروب الماضية، موضحًا أن عوامل التأثير كانت بدايتها في وقت الإحتلال الفرنسي ثم أثناء الحرب العالمية الأولى ثم الحرب العالمية الثانية، كذلك البوارج الإنجليزية دمرتها، كل هذه العوامل أثرت عليها بشكل كُلي ولم يتبق منها الآن سوى أطلال، ولكننا لدينا أمل كبير في إعادتها، وهذا المكان الأثر الوحيد داخل مدينة العريش وعلى البحر المتوسط، ووضعناها في خطة التنمية في العام الماضي 2019م، لظروف العمليات الأمنية تم تأجيل العمل فيها.

 

وأشار الخبير الآثاري، أن القلعة في هذا العام موضوعة في الخطة وسيتم العمل فيها من إعادة ترميمها حيث تم الحصول على جميع الصور القديمة و الأرشيفية للقلعة مدعوما بالأبحاث، ومن ضمن المقترحات الموضوعة خلال الترميم أن يكون فيها مركز مخصص للتراث ومكان آخر للحفلات الصيفية والمنطقة التراثية التي حولها يتم تطويرها ونسترد الحرف التراثية التي كانت حول منطقة القلعة، الأمر الذي سينعش الحركة السياحية في المدينة والتجارية لقاطني المنطقة.

 

يُقال لدى كبار السن أن للقلعة نفق حربي مخصص لخروج الجنود أثناء صد أي هجوم من القلعة إلى شاطيء البحر، ويرجح البعض أن النفق كان موجود لمهرب للحامية في حالة تعرضها للحصار، لكن الخبير الآثاري قال: لا الأحداث التاريخية التي مرت على القلعة من أعمال حصار ولا الشواهد الأثرية استطاعت إثبات هذا حتى الآن، ولم يرد أي ذكر له خاصة القاعة تعرضت للحصار أكثر من مرة.

 

الاثرى عبد العزيز الغالى
المؤرخ السيناوى عبد العزيز الغالى

من جهته.. قال عبد العزيز الغالي، المؤرخ السيناوي وعضو اتحاد الكتاب، والملقب بـ «جبرتي سيناء» في حديثه، إن قلعة العريش التاريخية تعد أحد الآثار التاريخية الهامة في مدينة العريش، حيث تمثل مقر الحكم العثماني في زمن الخلافة العثمانية وكان أول وأشهر حُكامها “على بوشناق” والذى يعتبره الكثيرون جد العرايشية لمعظم أبناء العريش والذين ينحدرون من عائلات يتصل نسبها إلى أسلافهم من جنود وضباط حاميتها والذين كانوا قد قدموا من تركيا والبوشناق (البوسنة حاليا)،كذلك اختارت قبيلة (بني فخر) من كبرى قبائل المدينة أن يكون مستقرها بعد هجرتها من غزة للعريش أن تكون سكناها بجوار(بير عطوان) القريب من قلعتها طلبا للأمن والأمان والاشتغال بالتجارة في سوق المدينة الذي يقع أسفل سور القلعة (سوق الخميس حاليا).

وأكد الغالي أن شهرة قلعة العريش يرجع إلى شهرتها التاريخية كونها حصن دفاع أول عن مصر إلى جانب كونها مسرحًا تاريخيًا لمعارك كثيرة شهدتها كما شهدت معها عمليات الكر والفر وتعرضت للاحتلال من قبل الفرنسيين بعد معركة عنيفة استمرت يومين متتاليين تخللها ضرب أسوارها بالمدافع وإحداث ثغرة كبيرة وقتل 500 جندي، ثم انتهت الأحداث في معاهدة 1800 والتى بموجبها تم جلاء الفرنسيين عن مصر بعد هزيمتهم بالقلعة على يد الأتراك.

 

ووصف الغالي أهم أهداف قلعة العريش المتمثل في حماية السواحل الشمالية لمصر ورصد أى عدوان يأتي عن طريق البر والبحر وهي فرعونية فى الأصل لوجود نقوش مصرية قديمة بها وتجددت على مر العصور وأهمها ماتم بعد فتح الأتراك لمصر عام1517م على يد سليم الأول حيث أدرك العثمانيون أهمية موقع مدينة العريش الدفاعي ومركزها لباقي شبه جزيرة سيناء. فقام السلطان (سليمان القانونى) والذي ينسب إليه خطأ بناؤها لوجود نقش باسمه أعلى بوابتها بتجديدها فى968هـ 1560 وظلت مركزًا حربيًا حتى الحرب العالمية الأولى، وبعد رجوع إبراهيم باشا من سوريا ومصالحة الباب العالى 1840 لم يعد داع لوضع حامية بالعريش فألغيت القلعة واستبدلت الحامية بنفر من البوليس ثم صارت مقرا للحاكم (المحافظ) وجهازه الإداري لتسيير شؤون الأهالي فكانت تقوم بمقام مجمع المصالح.

الدكتور قدرى يونس
الدكتور قدرى يونس

ويضيف الدكتور قدري الكاشف، خبير التنمية المتكاملة بإقليم القناة وسيناء، أن المقترحات التي وضعت لقلعة العريش ليست لعمليات نظافة أثر فقط، بل يجب أن تطال الحماية والترميم والاستكشاف؛ وبالفعل تم اكتشاف خزانات المياه، ولكن لم يكن بمستوى إظهار القلعة مرة ثانية كما كانت وكما يجب.

 

وأوضح أنه فى عهد اللواء أحمد عبد الحميد محافظ شمال سيناء الأسبق، ظهرت مشكلة صعوبة وإخراج التجار من الأسواق التاريخية المشابهة في مناطق مثل القاهرة، فقدم سعيد قطب، السكرتير العام آنذاك، اقتراح إظهار القلعة وبناء (بايكات) متاجر صغيرة تباع فيها السلع والمنتجات المتوافقة مع المكان التاريخي والتراثي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى