عادل رستم يكتب.. «البخيل وأنا»
وبداية يجب أن نعرف البخل في القاموس اللغوي.. البخل: أي ضن بما عنده ولم يجده، ويقال: هو بخيل وباخل، وجمعه بخلاء. وقال الراغب الأصفهاني: “البخل: إمساك المقتنيات عما لا يحق حبسها عنه”. وقال ابن حجر: “البخل هو منع ما يطلب مما يقتنى، وشره ما كان طالبه مستحقا، ولا سيما إن كان من غير مال المسؤول.”
البخل من أكثر الصفات سوءا وكراهية ومقتا. وربما يعتقد البعض أن البخل في المشاعر أو البخل في المادة وغيرها من أنواع أخرى. البخل صفة تجمع بين كل ما قلنا واكثر. الشخصية البخيلة توقع منها أن ترى فيها كل العيوب والمساوئ وربما هو يقتل نفسه بصمت وبكل المحيطين به. مشاعره صماء وقدرته على العطاء معدومة. نفسه رثه لا تقوى على الصمود الإنساني. كاره لنفسه، اناني الطبع والتطبع. لا يستطيع بحياته. وربما لا يدع الآخرين أن يستمتعوا بحياتهم. أدمن التقتير فأصبح داخلا مشوها.
عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “ما من يوم يصبح العباد فيه إلا ملكان ينزلان فيقول أحدهما: اللهم أعط منفقا خلفا، ويقول الآخر: اللهم أعط ممسكا تلفا”. وعنه أيضا يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم قال: “الله تبارك وتعالى يا بن آدم أنفق أنفق عليك”. وعنه أيضا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “ما يسرني أن لي أحدا ذهبا يأتي علي ثلاثة أيام وعندي منه دينار إلا دينارا أرصده لدين علي”.
قال تعالى: ﴿ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَيَكْتُمُونَ مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ ۗ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُّهِينًا﴾.
والبخيل أعمى البصيرة يرى الأشياء بنظرة دونية ويحيا خائفا أن يؤذيه أحد وهو في الواقع يؤذي كل من حوله.
ومن أسباب البخل عدم الثقة في النفس والأنانية والنقص. يصاب البخيل بالعزلة والوحدة والضيق. لا تصاحب بخيلا ولا تشاركه حياتك ولا تحادثه أو تقترب منه، فربما يصيبك رذاذه أو ضرره. وربما، ومن نافلة القوم، إنه أيضا صاحب العلاج، فهو مرض وداء، عافانا الله وإياكم منه.
