معبد أتريبس في سوهاج: كنز أثري مهمل يستحق الاكتشاف

أسماء صبحي
تعد محافظة سوهاج من أبرز محافظات الصعيد التي تزخر بتراث حضاري يمتد لآلاف السنين. ورغم أن مواقع مثل معبد أبيدوس أو مقابر الحواويش تحظى بشهرة نسبية. إلا أن هناك مواقع أخرى تظل طي النسيان رغم قيمتها التاريخية الهائلة. ومن بين هذه المواقع يبرز معبد أتريبس، الذي يعد شاهدًا حيًا على تداخل الحضارات المصرية واليونانية الرومانية.
وفي هذا المقال، يوف نستعرض تاريخ المعبد، أهميته، حالته الحالية، وما يمكن فعله لإحياء هذا الموقع الأثري الفريد.
تاريخ معبد أتريبس
يقع المعبد في قرية نجع حمد، غرب مدينة سوهاج، عند سفح الجبل الغربي. وتأسس المعبد في العصر البطلمي، واستُكمل بناؤه خلال العصر الروماني. وكان مخصصًا لعبادة الإلهة “ريبيت” إلهة الخصوبة والحياة في الديانة المصرية القديمة. والتي كان لها مركز عبادة قوي في المنطقة.
وتشير النقوش على جدران المعبد إلى أن بناءه بدأ في عهد الملك بطليموس الثاني. كما استمرت أعمال التوسعة حتى العصور الرومانية مما يعكس أهمية الموقع كمركز ديني مستمر لعدة قرون.
وعلى الرغم من تدهور حالة بعض أجزاء المعبد، إلا أن ما تبقى منه يظهر روعة الفن المعماري المصري القديم وتأثير الفن الهيلينستي. ويتكون المعبد من عدة قاعات تؤدي إلى الحرم المقدس، حيث كانت تقام الطقوس الدينية.
وتزين جدران المعبد نقوش بارزة تصور مشاهد من الحياة الدينية مثل الكهنة وهم يقدمون القرابين للإلهة “ريبيت” بالإضافة إلى مناظر فلكية معقدة تعكس معرفة المصريين القديمة بحركة الكواكب والنجوم.
ويقول الدكتور محمود الديب، أستاذ الآثار المصرية بجامعة سوهاج، إن النقوش في معبد أتريبس ليست مجرد زخارف. بل هي نصوص دينية وتاريخية تروي قصص الطقوس والعقائد القديمة. كما تساعد دراسة هذه النقوش في فهم طبيعة الممارسات الدينية في العصور المتأخرة من الحضارة المصرية.
أهمية المعبد الحضارية والدينية
كان معبد أتريبس مركزًا حيويًا للعبادة في العصر البطلمي، وجذب المصلين من المناطق المحيطة. ولم يكن مجرد مكان للصلاة بل كان أيضًا مركزًا للتعلم. حيث كان الكهنة يدرسون النصوص الدينية ويدربون الأجيال الجديدة على الطقوس المعقدة.
ويشير الباحثون إلى أن المنطقة المحيطة بالمعبد كانت تضم مدينة صغيرة بها مساكن الكهنة والعمال، بالإضافة إلى مخازن للحبوب والقرابين. وهذا يعكس الدور المتكامل للمعبد كمؤسسة دينية واقتصادية في آنٍ واحد.
ورغم الأهمية التاريخية والثقافية لمعبد أتريبس، إلا أنه يعاني من الإهمال. كما تعرض الموقع لعمليات تخريب ونهب في فترات الانفلات الأمني فضلًا عن التآكل الطبيعي بفعل عوامل التعرية.
وتفتقر البنية التحتية المحيطة بالموقع إلى التهيئة السياحية. حيث يُعاني الزوار من صعوبة الوصول إلى المعبد نظرًا لضعف الطرق المؤدية إليه. ورغم الجهود الفردية التي بذلها بعض الباحثين لتوثيق النقوش. إلا أن الموقع ما زال بحاجة إلى مشروعات ترميم واسعة النطاق للحفاظ على ما تبقى منه.