من هم السلف والخلف وما الفرق بينهما؟
أميرة جادو
لفظ السلف والخلف تعني في المعجم الوسيط: “السَّلَفُ: جمعُ سالِف وهو كلّ من تَقَدّمك .. والخَلَف: العِوَض والبدل وهو الولد الصالح”، فالسلف يعنى من سبق أو ما مضى وذهب، وأما خلف، أي ما جاء بعد شخص فأصبح مكانه، سواءً في الطريق أو السير، يعني ساروا قبلنا، أو في السن أكبر منا، أو في الفضل، أو في الرحيل والمغادرة عن الدنيا.
كما ورد ذكرهم في القرآن الكريم، في قوله تعالى: ﴿ عَفَا اللَّهُ عَمَّا سَلَفَ ﴾، سورة المائدة: ]95[، ﴿ فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ ﴾ سورة مريم: ]59]، ونقول أيضا العِوَض والبدل، كما عّرف ابن تيمية مفهومَ السلف بأنهم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم والتابعون وتابعوهم.
تعريف السلف و الخلف
“السلف” تعني في اللغة تعني كل من سلفك و سبقك من أباءك و أجدادك وشيوخك ومن سبقونا بالإيمان بالله و برسوله وكتابه و بالعمل بذلك، أولئك هم السلف وبالنسبة للتابعين سلفهم هم الصحابة وبالنسبة لتابع التابعين سلفهم الصحابة والتابعون، وبالنسبة لنا الصحابة و التابعون وتابع التابعين هم سلفنا لأنهم سبقونا إلى هذه العقيدة
أما “الخلف” بمعنى الآتي من جاء فيما بعد، وأما في اصطلاح العلماء، فإنها تعني الصحابة رضي الله تعالى عنهم، والتابعون، وتابعوهم أهلُ القرون الثلاثة المفضَّلة كما ذكرنا، الذين زكَّاهم النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: خَيْرُ النَّاسِ قَرْنِي، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ يَجِيءُ أَقْوَامٌ تَسْبِقُ شَهَادَةُ أَحَدِهِمْ يَمِينَهُ، وَيَمِينُهُ شَهَادَتَهُ. رواه البخاري و مسلم.
من هم السلف الصالح
يعرف السلف الصالح بمنهجهم في الاعتقاد والعمل يميزهم عن غيرهم، وكل من وافقهم وسار على منهجهم ممن جاء بعدهم، فهم السلف الصالح.
ويطلق الخلف على من جاء بعد السلف، فإن من خالفهم في منهجهم في الاعتقاد والعمل فهو خلف غير صالح ومذموم غلب عليهم الابتداع وسوء المعتقد والعمل، كما قال الله تعالى في كتابه العزيز في سورة مريم “فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا”. صدق الله العظيم. أما قول الداعي في دعائه: “اللهم اجعلنا خير خَلَف لخير سلف”، فإنه لا يقصد المعنى الاصطلاحي لكلمة “الخلف” بل يقصد المعنى اللغوي وهو يخص الزمن فحسب.
الفرق بين علم السلف و الخلف
“السلف” هم أهل السنة والعاملون بالأوامر الدينية، والذين لا يخرجون عن هدي وأوامر وعقيدة الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه وكل من كان على نهج السلف فهو من السلف، وإن كان معاصراً حياً بين الناس حتى تقوم الساعة.
بينما يقصد بـ “الخلف” المتكلمين ومَن تابع منهجهم ومنهج الفلاسفة، وابتعد عن نهج أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وساروا على غير نهجه، فأسسوا بعض المذاهب والبدع الجديدة في سائر أمور الاعتقاد ففسدت فطرتهم وضلت عقولهم بسبب ما درسوه من علم المنطق والفلسفة والكلام، فاختلطت هذه الثقافات، والأفكار، بتعاليم الإسلام وثقافته، وحاولوا الجمع بينهما، ولكن كان هذا على حساب نقاء تعاليم الإسلام وتوجيهاته، فشوهوا جماليته وصفائه، وأما السلف الصالح فكانوا بمنأى عن كل ذلك، ولهذا تميز فهمهم للدين بالأصالة و النجاة من التبديل والتحريف.
ويعتبر الخوارج والشيعة هم من الخلف، ثم القدرية والجهمية والمعتزلة، ثم الأشاعرة نسبة إلى أبي الحسن الأشعري والماتريدية نسبة إلى إمامها ومؤسسها أبي منصور الماتريدي.
فمذهب الخلف هو مذهب أهل البدع إلى يوم القيامة، و هناك اتفاقًا بين أهل السنة والجماعة من جميع الطرق على أن خير القرون ما ذكرها النبي صلى الله عليه وسلم، وأنهم أفضل من الخلف في كل فضيلة مِن دين وعلم وعمل
وبالتالي كلمة الخلف، لا تعني التأخر في الزمن فقط، ولكنه تعني البعد عن منهج السلف في العلم واتِّباع منهج الجدل العقلي وغيره من طرق ابتدعها البشر أنفسهم، في التفكير الذي لا يستند إلى كتاب أو سنة.
والفرق بين السلف والخلف كالفرق بين النور والظلام، فالسلف عرفوا الجاهلية فاجتنبوها، بينما جهِل الخلف الجاهليةَ فوقعوا فيها.