
كتبت – شيماء طه – عيد الأوبت هو أحد أهم الإحتفالات الدينية في مصر القديمة، والذي كان يُقام سنويًا في مدينة طيبة (الأقصر حاليًا)، تكريمًا للإله آمون-رع وزوجته الإلهة موت وابنهما الإله خونسو، الذين يشكلون ثالوث طيبة المقدس.
كان هذا العيد يجسد التجديد السنوي للسلطة الملكية والارتباط بين الفرعون والآلهة، مما يعزز شرعية حكم الملك.
موعد عيد الأوبت
كان عيد الأوبت يُقام خلال موسم الفيضان لنهر النيل، حيث كان يعتبر رمزًا للتجدد والخصوبة. واستمر الاحتفال عادةً عدة أيام، وصلت في بعض الفترات إلى 27 يومًا.
الطقوس والاحتفالات
1. انطلاق الموكب المقدس
كان الموكب يبدأ من معبد الكرنك، حيث يتم إخراج تماثيل الإله آمون-رع وموت وخونسو من مقاصيرهم داخل المعبد.
التماثيل كانت توضع داخل مقاصير محمولة على قوارب ذهبية مزخرفة، تحملها الكهنة.
كما يرافق الموكب عروض موسيقية، رقصات احتفالية، وحشود من المصريين الذين يشاركون في الاحتفالات.
2. رحلة النيل
أحد أبرز معالم عيد الأوبت هو نقل التماثيل على قوارب مقدسة عبر نهر النيل من معبد الكرنك إلى معبد الأقصر.
كان النيل يمثل الحياة والتجدد، لذلك كانت الرحلة تعبيرًا عن الخصوبة والرخاء. كما أن إقامة الطقوس الإحتفالية على ضفاف النيل أثناء مرور القوارب.
3. الوصول إلى معبد الأقصر
عند وصول الموكب إلى معبد الأقصر، تبدأ إقامة شعائر دينية مقدسة داخل المعبد، تشمل: تقديم القرابين. تجديد صلة الفرعون بالإله آمون-رع، حيث كان يعتبر الفرعون ابنًا للإله وممثلًا له على الأرض.
4. عودة الموكب
بعد انتهاء الطقوس في معبد الأقصر، يعود الموكب إلى معبد الكرنك بالطريقة نفسها، مما يكمل دورة التجديد والارتباط الإلهي.
الدلالات الرمزية لعيد الأوبت
التجديد السنوي
عيد الأوبت كان يمثل تجديدًا للطاقة والحياة، ليس فقط للطبيعة التي تغذيها مياه الفيضان، بل أيضًا للفرعون الذي يتجدد ارتباطه بالآلهة.
وحدة الشعب والدولة
كان الاحتفال فرصة لتوحيد المصريين من جميع الطبقات في طقس مقدس يعبر عن إيمانهم العميق بالآلهة وقدسية الملكية.
الخصوبة والرخاء
ربط الإحتفال بين فيضان النيل وخصوبة الأرض، مما يعبر عن امتنان المصريين لنهر النيل والإله آمون-رع الذي يعتقد أنه يمنحهم هذه النعم.
أثر عيد الأوبت في التاريخ المصري
بينما ظل هذا اليوم رمزًا بارزًا في الحياة الدينية والإجتماعية خلال العصور الفرعونية، وقد تم توثيقه على جدران معابد الكرنك والأقصر. النقوش تظهر تفاصيل دقيقة عن الطقوس والإحتفالات، مما يجعلنا ندرك أهمية هذا العيد كجزء من الهوية الثقافية لمصر القديمة.
جديرًا بالذكر أن عيد الأوبت هو شهادة على عبقرية المصريين القدماء في المزج بين الدين، الطبيعة، والسلطة السياسية. والإحتفال كان يعكس اعتقادهم بالتجدد والاستمرارية، مما ساهم في استقرار حضارتهم لآلاف السنين.