فارس الدين أقطاي القائد الذي غير تاريخ المماليك

فارس الدين أقطاي كان أحد أبرز القادة العسكريين في تاريخ مصر خلال القرن الثالث عشر، وهو زعيم المماليك البحرية، كان مملوكًا تركي الأصل اشتراه السلطان الصالح نجم الدين أيوب في دمشق وعينه مسؤولًا عن ملابسه، وهو ما جعله يعرف بلقب الجمداري، لكنه لم يبق في هذا المنصب طويلًا، إذ سرعان ما ارتقى ليصبح أميرًا وقائدًا مؤثرًا في عهد المماليك.
من هو فارس الدين أقطاي
بعد وفاة السلطان الصالح نجم الدين أيوب خلال الحملة الصليبية السابعة، لعبت شجرة الدر دورًا كبيرًا في إدارة الموقف السياسي، فأرسلت أقطاي إلى حصن كيفا لاستدعاء توران شاه لتولي الحكم، وعندما قتل فخر الدين يوسف أتابك الجيش في معسكر جديلة، تولى أقطاي قيادة الجيوش المصرية، وخاض مع بيبرس البندقداري والمماليك البحرية معركة حاسمة في المنصورة، حيث تمكن من تحقيق انتصار كبير ضد الصليبيين.
في عهد السلطان عز الدين أيبك، تألق أقطاي كقائد عسكري بارز، حيث قاد الجيش المصري لهزيمة الناصر يوسف، حاكم دمشق، في معركتين حاسمتين قرب غزة وفي معركة كورا، وفي عام 1251، قاد حملة ناجحة سيطر فيها على جزء من سوريا، مما عزز من نفوذ المماليك، كما ساهم عام 1252 في قمع تمرد الشريف حصن الدين ثعلب في مصر الوسطى والصعيد، وأضاف الإسكندرية إلى إقطاعياته.
مع ازدياد قوته، بدأ أقطاي يطمح للسلطة بعد وفاة السلطان الصالح، لكنه لم يكن يرى أن امرأة مثل شجرة الدر يمكنها إدارة شؤون مصر، رغم نفوذها، وهو ما جعلها تفضل عز الدين أيبك على أقطاي، الأمر الذي زاد من حدة التوتر بينهما، خاصة مع شعور أيبك بتهديد نفوذ أقطاي المتزايد وسيطرة المماليك البحرية على البلاد، فقرر التخلص منه بمساعدة مملوكه سيف الدين قطز والمماليك المعزية، حيث استدرجه إلى قلعة الجبل وتمت تصفيته، ثم أُلقي برأسه إلى المماليك البحرية الذين تجمعوا تحت القلعة مطالبين بالإفراج عنه.
مقتل أقطاي لم يكن مجرد حادثة عابرة، بل أدى إلى هروب المماليك البحرية من مصر إلى سوريا والكرك وسلطنة الروم السلاجقة، وكان من بينهم بيبرس البندقداري وقلاوون الألفي، اللذان أصبحا لاحقًا من أعظم سلاطين المماليك، فكان اغتياله نقطة تحول غيرت مسار التاريخ السياسي في المنطقة.