أصحاب الحجر.. من هم وكيف أهلكهم الله ومن هو نبيهم؟
أميرة جادو
ذكر أصحاب الحجر في قوله -تعالى-: (وَلَقَد كَذَّبَ أَصحاب الحِجرِ المُرسَلينَ)، والحجر هو وادٍ يقع بين المدينة المنورة والشام، أمّا أصحاب الحجر فهم قوم ثمود، وقد أرسل الله لهم نبيّه صالح -عليه السّلام-.
قوم ثمود ومكانهم
أطلق قوم ثمود في القرن الثامن لقب “ثمودي”، وقد كان قوم ثمود يعيشون حياة البداوة، ثمّ انتقلوا إلى الحياة البريّة، وكان معروفاً عنهم عدم رغبتهم في الخضوع تحت حكم والٍ أو ملك، وذكرت الروايات أنّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- حين مرّ على آثار مساكنهم نهى أصحابه عن دخولها.
وقد وقع منه -صلّى الله عليه وسلّم- هذا النهي لأحد أمرين؛ إمّا تأكيداً على كفرهم وضلالهم، أو لربما خاف على المسلمين من أن يكون قد نصب لهم فخ في هذا المكان لكيلا يقعوا فيه، حيث كان المكان واقعاً بعد انتهاء الصحراء التي يعاني من يمشي فيها من شدّة الحرّ والعطش.
قصة نبي الله صالح مع قبيلة ثمود
لقد منح الله عز وجل، قوم ثمود نعمة الحضارة ومظاهر العمران، لكنهم كانوا ناكرين لنعم الله عز وجل عليهم، فعبدوا الأصنام والأوثان، فأرسل الله عز وجل، لهم نبيَّه صالح عليه السلام، فأخذ يدعوهم إلى الله تعالى ويأمرهم بترك عبادة الأصنام، فآمن بعضهم وكفر أكثرهم، وأخذ الذين كفروا بما جاء به ينالون منه مرة بالأقوال ومرة بالأفعال، وظلّوا يؤذونه حتى همّوا بقتله بعد أن قتلوا الناقة التي جاءهم بها معجزةً وبيِّنةً من الله تعالى على صدق نبوته ودعوته، فأخذهم الله حينها بكفرهم أخذ عزيز مقتدر، جزاءً لكفرهم وعنادهم ومخالفتهم أوامر الله تبارك وتعالى ورسوله الكريم.
تدور أحداث قصة ثمود ونبي الله صالح عليه السلام حول أمور رئيسة، أولها دعوة قومه للإيمان بالله والإنابة إليه وترك عبادة الأصنام.
ثم الحديث حول المعجزة التي جاء بها عليه السلام وهي الناقة، بعدها تذكير قوم ثمود بنعم الله تعالى عليهم، وكذلك الإنكار عليهم لشركهم بالله واستمرارهم على الفساد والطغيان والتجبّر والحرص على الدنيا بدلاً من الآخرة، ثمّ جاء توضيح موقف قوم ثمود من رسالة صالح عليه السلام، وسخريتهم منها واستهزائهم برسول الله عليه السلام، وآخرها بيان عاقبة الظالمين الذين يكفرون بالله ويستهزئون برسوله ويرفضون الإذعان لعبادة الله وحده، وكذلك بيان عاقبة المستجيبين لدعوة الله، القائمين بما أمرهم الله تعالى.
عذاب قوم ثمود وهلاكهم
لمّا عصى القوم أمر ربّهم توعدهم صالح بحلول العذاب عليهم بعد ثلاثة أيام، فقال -تعالى-: (فَعَقَروها فَقالَ تَمَتَّعوا في دارِكُم ثَلاثَةَ أَيّامٍ ذلِكَ وَعدٌ غَيرُ مَكذوبٍ)، وجعل لهم علامة على ذلك بأن يصير لون وجوههم في اليوم الأول أصفراً، وفي اليوم الثاني أحمراً، وفي اليوم الثالث أسوداً، ثمّ في اليوم الرابع سيحلّ بهم العذاب، فلمّا رأوا هذه العلامات على وجوههم، حنّطوا أجسادهم، ولبسوا ما اعتقدوا أنّه سيحميهم، ودخلوا في بواطن الأرض.
فأرسل الله عليهم صاعقة من السماء جعلتهم في أماكنهم فأسقتطهم على وجوههم حتى أهلكتهم، وجعلتهم ركاماً كأنما لم يكن لهم وجود، ونجّى الله صالحاً والذين آمنوا معه. قال -تعالى-: (فَلَمّا جاءَ أَمرنا نَجَّينا صالِحًا وَالَّذينَ آمَنوا مَعَه بِرَحمَةٍ مِنّا وَمِن خِزيِ يَومِئِذٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ القَوِي العَزيز*وَأَخَذَ الَّذينَ ظَلَموا الصَّيحَة فَأَصبَحوا في دِيارِهِم جاثِمينَ).