قبيلة بني أمية.. أصلها وتاريخها وعلاقتها بالهاشميين
أميرة جادو
يعتبر الأمويون هم أحد فروع قبيلة قريش التي تعود أصولها إلى عبد شمس عبد مناف؛ وهو ولد أمية الأكبر، وعبد العزّى، وحبيب، وسفيان، وربيعة، وله ثلاث أولاد وهم العبلات؛ والسبب في التسمية يرجع إلى اسم أمّهم عبلة، وهم: أميّة الأصغر، وعبد أميّة، ونوفل، ثمّ ولد لأمية الأكبر عدد من الأولاد؛ ومنهم: حرب، وأبو العاصي، وولد حرب أبو سفيان بن حرب، وأمّ جميل بنت حرب زوجة أبي لهب، وولد أبو العاص عفان والد عثمان بن عفان رضي الله عنه، علاوة على أنّ عبد العزّى بن عبد شمس ولد ربيع، وربيعة، وجرو البطحاء، وربيع أبو العاص بن الربيع هو زوج زينب بنت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.
علاقة بني أمية بالهاشميين
ادّعى البعض أنّ العلاقة بين قبيلتي بني هاشم وبني أميّة بنيت على المنافسة، إذ إنّ تلك القبيلتين العظيمتين يرجع نسبهما إلى عبد مناف، وقد بدأت المنافسة بينهما من الجاهلية، واستمرّت إلى زمن هاشم وحرب بن أميّة، وحاول أصحاب هذا الادّعاء إثبات تلك المنافسة.
كما قيل أن المنافسة قد استمرّت حتى بعد الإسلام، ولذلك كان بني أميّة يعارضون بني هاشم، وكانوا يناصبونهم العداء في بعض الأحيان، بل اتهموا بني أميّة زوراً بأنّهم كانوا يدبّرون المؤامرات لإسقاط الحكومة الإسلاميّة، واستمروا على ذلك إلى أن استولوا على الحكم غصباً، ولمّا تمكّنوا منه أنزلوا الظلم والقهر ببني هاشم.
ولكن الحقيقة أنّ هذه الأقاويل ما هي إلا الافتراءات ليس لها أي أصلٍ في التاريخ الإسلامي، إذ لم يكن أي منافسةٍ بين بني أمية وبني هاشم في الجاهلية، ولا في عهد النبوّة، ولا في عهد الخلافة الراشدة، بل كان يجمع القبيلتين علاقة قرابة قويةً متينةً، فهما من سلالة عبد مناف، وممّا كان يزيد المحبة والألفة بينهم علاقة المصاهرة، حيث إنّ أبا لهب بن عبد المطلب الهاشمي، وابنتاه أم الحكم بيضاء وصفية كانوا ينتسبون إلى بني أميّة، وزوّج رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- ابنتاه: السيدة رقية، والسيدة أم كلثوم -رضي الله عنهما- لرجلٍ من بني أميّة، وتزوّج رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- بإمرأةٍ من بني أميّة، وهي: أم حبيبة بنت أبي سفيان رضي الله عنهما، واستمرّت هذه المصاهرة بينهم خلال العهد الأموي والعباسي أيضاً.
الخلافة الأموية
بدأت في العام الثاني والأربعين للهجرة، بعد تنازل الحسن بن علي -رضي الله عنه- عن الخلافة لمعاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه، وكان ذلك حقناً لدماء المسلمين بعد المعارك والفتن التي حصلت بينهم، ورغبةً بإعادة الاستقرار والطمأنينة للمسلمين، وردعاً لأهل الفتن المتربصين بالإسلام وأهله، فتمّت بذلك خلافة معاوية بن أبي سفيان، ولا بد من الإشارة إلى أنّ عهد الخلافة الأموية مرّ بمرحلة قوةٍ، ومرحلة ضعفٍ، ومرّ على الحكم في مرحلة القوة عدداً من الخلفاء الأمويين؛ وهم:
معاوية بن أبي سفيان
تولى رضي الله عنه الخلافة في بداية عصر القوة للدولة الإسلامية، فقد كان من المجاهدين الأقوياء، وله خبرةٍ اقتصاديةٍ وسياسيةٍ واسعةٍ، إذ إنّ تولّيه للخلافة كان مسبوقاً بتجربةٍ طويلةٍ في الحكم والإدارة، فقد كان والياً على الشام لمدةٍ تزيد عن عشرين سنةً قبل الخلافة.
وقد أجمع العلماء من الصحابة والتابعين على مدح خلافة معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه، وحسن سياسته، وعدله، ويدلّ هذا الثناء والمدح على محبّتهم لمعاوية، وقد قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: (خِيارُ أئِمَّتِكمُ الَّذِين تُحِبُّونَهم ويُحِبُّونَكم، ويصلُّونَ عليكم وتُصلُّونَ عليهم، وشِرارُ أئِمَّتِكم الَّذين تُبْغِضُونَهم ويُبْغِضُونَكم وتَلْعَنُونَهم ويَلْعَنُونكم).
وقال ابن تيمية رحمه الله: (فلم يكن من ملوك المسلمين ملك خيراً من معاوية، إذا نُسِبَتْ أيامه إلى أيام من بعده، أمّا إذا نُسِبَتْ إلى أيام أبي بكر وعمر ظهر التفاضل)، وبعد أن توفّي معاوية بن أبي سفيان في سنة ستين للهجرة، تولّى ابنه يزيد الخلافة من بعده.
يزيد بن معاوية
اختلفت ولاية يزيد عمّا كان عليه الخلفاء الراشدين؛ لأنّ معاوية بن أبي سفيان عهد قبل وفاته بالخلافة لابنه من بعده، وأخذ البيعة من المسلمين على ذلك، إلّا من رفض منهم؛ كعبد الله بن الزبير، والحسين بن علي رضي الله عنهم، وتحوّلت من بعده الخلافة الراشدة التي كانت قائمةً على مبدأ الشورى إلى ملك عضوض، يورّث فيه الآباء المُلك لأبنائهم، ومن الأمور الخطيرة التي حصلت في عهد يزيد بن معاوية مقتل الحسين بن علي رضي الله عنه، وخلعه في مكّة، وبيعة عبد الله بن الزبير.
الوليد بن عبد الملك
شهدت الخلفة في عهده حالة من التطوّر العسكري، وروح الجهاد في سبيل الله إذ إنّ الجزء الأكبر من أموال الدولة كان يصرف في التجهيزات العسكرية، حيث تمّ إنشاء المدن العسكرية في جميع جبهات القتال، وقامت الدولة بتشجيع الناس على الالتحاق بها، وأعطتهم الأراضي الزراعية، علاوة على إنشاء سلاح للبحرية، وتشييد مصنع للسفن الحربية في عكا.
سليمان بن عبد الملك
امتدت في عصر الأمويين الفتوح الإسلامية لتصل إلى الأندلس، وفرنسا غرباً، والصين شرقاً، وانتشر الإسلام في أوروبا، وأفريقيا، وآسيا.
عمر بن عبد العزيز
على الرغم من قصر مدّة خلافته، إذ بدأت في صفر من عام تسعة وتسعين للهجرة، وانتهت بوفاته في شهر رجب من عام مئةٍ وواحد للهجرة، إلّا أنّ فترة خلافته اعتبرت من أفضل الفترات التي مرّت بتاريخ المسلمين.