قبائل و عائلات

ملوك البادية في الشام.. أصل قبائل الغساسنة وتاريخهم وسبب تسميتهم

أميرة جادو

تنتمي قبائل الغساسنة إلى قبائل الأزد اليمنية، هاجروا مع نهاية القرن الثالث الميلادي إلى الحجاز، وكانت هجرتهم قبل أو بعد واقعة سيل العَرِم، ثمّ ذهبوا إلى جنوب بلاد الشام، ويرجع سبب تسميتهم بهذا الاسم أنهم استقروا في أرض تهامة عند نبع ماء يسمى غسّان، وذلك قَبل استقرارهم في سوريا.

وأطلق عليهم العديد من الأسماء الأخرى، كآل جفنة، وأولاد جفنة، وهذه الأسماء أطلِقت عليهم؛ نسبة إلى أول ملوكهم جفنة بن عمرو، وقد اعتنق الغساسنة النصرانيّة متعين المذهب اليعقوبي، ومع دخول الغساسنة بلاد الشام استطاعوا أن يحلوا محل قضاعة؛ حيث اعترفَ البيزنطيون بسيادتهم، وأعطَوهم ألقاباً رفيعة، وكان للغساسنة دور مهم في حرب الروم مع الساسانيّين؛ حيث كانوا دولة حاجزة بين الساسانيين وسوريا.

تاريخ الغساسنة

استطاعوا الغساسنة أن يبسطوا سيطرتهم على القبائل العربيّة في كل من فلسطين، والأردن، وقد كان حكم ملوكهم في البلقاء، وحوران، والغوطة، وكانت قاعدة سلْطَتِهم هي منطقة الجابية في الجولان، أمّا جلق فقد كانت مَركزاً لهم لفترة وجيزة من الزّمن، إلا أنهم لم يستطيعوا أن يصلوا بنفوذهم إلى المدن المُحصنة، كبصرى، ودمشق.

وقد اعتبر الغساسنة أنفسهم ملوك البادية في الشام، وليس ملوك الحضر فيها؛ حيث كانوا يجوبون البادية من أقصى شمالها حتى جنوبِها، وكانت لهم علاقات وثيقة بتدمر، وحوران، وكان الغساسنة ذوي طابعٍ بدوي في مختلف جوانب حياتهم، ويبدو ذلك واضحاً حتى في جيشهم الذي لم تكن لديه حصون، أو كتائب، أو حتى مراكز خاصّة به.

 أحداث تاريخية مهمة

امتدّت دولة الغساسنة وازدهرت في عهد المَلِك الحارث بن جبلة؛ حيث حارب الحارث بن أبي شمر الغساني ملكَ الحيرة المُنذِر بن ماء السماء، واستطاع الانتصار عليه في عام 528م.

وفي عام 529م أعانوا البيزنطيين ضدَّ السامريّين؛ وهذا ما جعل جستنيان الإمبراطور البيزنطيّ يمنحُه لقبَ البطريق، ولقب فيلارك، وهي ألقاب بيزنطيّة رفيعة، وفي عام 554م، حدثت معركة بين الغساسنة بقيادة الحارث الغسانيّ، وملك الحيرة المُنذِر الثالث؛ والتي كان سببها ادِّعاء كلٍّ منهما السيطرة على القبائل العربيّة التي تقيم في إقليم السراط (منطقة في جنوب تدمر)، وفي هذه المعركة المُسمَّاة معركة حليمة، انتصرَ الغساسنة، وقتل المنذر الثالث.

واختفت قوّة وازدهار الغساسنة بعد انتهاء عهد النعمان؛ حيث إنَّ قيام كسرى أبرويز الساسانيّ بالهجوم على سوريا في عام 613م، واحتلال القدس، ودمشق، قد أنهى نفوذ الغساسنة بشكل نهائيّ، وعند قدوم الإسلام وانتشاره عَبْرَ الفتوحات الإسلاميّة، وَقفَ الغساسنة الباقون إلى جانب البيزنطيّين؛ لمحاربة المسلمين، ففي معركة مَرْجِ الصفر عام 624م، والتي شارك فيها الغساسنة إلى جانب البيزنطيّين، استطاع خالد بن الوليد الانتصار عليهم، وفي معركة اليرموك عام 636م، اشتبكَ خالد بن الوليد مع جبلة بن الأيهم الذي كان يشارك إلى جانب البيزنطيّين فيها.

والجدير بالذكر، من الأحداث التاريخية المهمة عند الغساسنة، التي لا بدَّ من ذكرها، علاقة الغساسنة مع بني تَغلِب بحكْمِ جِوارهم؛ حيث لجأ بنو تغلب إلى الغساسنة أثناء مطارَدة ملوك الحيرة لهم، إلّا أنَّ علاقة الغساسنة ببني تَغلِب أصبحت سيِّئة في عهد المَلِك الحارث بن أبي شمر؛ إذ نشأ قتالٌ بينهم أدَّى إلى هزيمة الحارث بن أبي شمر، وبشكلٍ عام فإنَّ بني تَغلِب لم يكونوا خاضِعين تماماً للغساسنة، أو حتى للمناذِرة الذين كانوا

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى