قصر يوسف كمال بالمطرية.. تحفة معمارية تعكس ذوق الأمير المُحب للصيد والرحلات
أميرة جادو
تضم أرض مصر العديد من الأبنية التي تعكس العراقة والتاريخ، وشكّلت متحفًا مفتوحًا يمكن من خلاله التعرف على الأساليب الفنية المختلفة والطراز المعماري الفني لهذه الحقبة الزمنية.
ووفقًا لما ذكر في كتاب قصور مصر، للكاتبة سهير عبدالحميد، تعتبر قصور مصر تاريخ لا يزال حيا. لأنها ليست مجرد أمكنة وجدران وشوارع إنما هي سجل يخلد أسماء وشخوصا وأحداثا رمز لنمط عمارة ساد وظروف عصر خلا وثقافة مجتمع تقلبت عليها السنون وظلت تحمل شيئا من توقيعه لا يزال محفوراً في ومضة هنا وأخرى هناك.
نتحدث اليوم عن “قصر الأمير يوسف كمال” في حي المطرية، وهو واحد من ضمن العديد من القصور التي امتلكها بالكثير من المناطق والمدن المختلفة منها (نجع حمادي وأرمنت في الصعيد، والإسكندرية)، أما القصر الموجود في المطرية، تم بناءه في أطراف مدينة القاهرة كما كان شائعا في بداية القرن الـ20؛ لذلك كان يجاوره عدة فيلات، ويقابله من الجهة الغربية “قصر الأمير وحيد الدين سليم”، لكن تبدل حاله، وبحسب وصف الكاتبة أصبح القصر “مصاب بإهمال شديد”.
تصميم القصر
تم البدء في تشييد القصر بعام 1908، وانتهى عام 1910، وتم تصميمه على يد المعماري “لاشياك”، وزخرفه المهندس الإيطالي “نيانكي”، وبني على مساحة 14 فدانا، وكان به باب صغير يفضي إلى محطة قطار المطرية (المترو حاليا)، وأهم قاعات القصر توجد في الطابق العلوي، القاعة الرئيسية وحوائطها مغطاة بالقطيفة الحمراء ذات الزخارف النباتية المتكررة، وعلى أحدها رسمت لوحة ضخمة للأمير وهو يمتطي جواده مع حاشيته وأمامه كلاب صيد.
وأوضحت الكاتبة أن قاعة الطعام أيضا من الأماكن المهمة في القصر، وهي ثرية بأعمال الرخام والفسيفساء والزجاج المعشق بالرصاص والسقف الخشبي، ويوجد في نفس الطابق مكتبتين، إحداهما شرقية والأخرى غربية.
وبحسب ما ورد في الكتاب، يوجد أيضا القاعة الإسلامية، وبها بلاطات زخرفية عثمانية وفسيفساء رخامية قديمة منقولة من أثر عربي قديم، وشرائط كتابية تحيط بسقف الغرفة، نقش عليها تاريخ اللوحات الفنية من البلاطات الخزفية العثمانية المنقولة من آثار قديمة بألوان زاهية، زرقاء وخضراء وحمراء مرجانية.
والجدير بالإشارة، لاحظت الكاتبة أثناء زيارتها للقصر، وجود قاعة نادرة مغطى جدرانها بخشب ذي رسوم يابانية صينية من الزهور وحيوان التنين الأسطوري، ويوجد ملاحق كثيرة للقصر (أماكن الخدم، وإسطبل الخيل، وأكشاك للنباتات، وصوبة زجاجية كبيرة).
وتم بناء الاستراحات على شكل طابق أرضي وبدروم، وتناثر في حديقة القصر أكشاك النباتات ونافورة من الرخام واستراحة على النمط الإفريقي تعكس ذوق الأمير المحب للصيد والرحلات.
والجدير بالذكر، أن أنطونيو لاشياك -مهندس القصر- من أكثر المهندسين المعماريين الأوروبيين نشاطا في مصر أواخر القرن الـ19 وأوائل القرن الـ20، وكان يميل إلى استخدام التراث المملوكي الحديث أو النهضة المملوكية، وهو أحد الأساليب الفنية المعمارية التي انتشرت في بداية القرن الـ20، وقد صمم الكثير من المباني على هذا الطراز.