تاريخ ومزارات

أزمة اقتصادية غيرت نشاطه.. حكاية «شارع عبد العزيز» من هدية «للسلطان العثماني» إلى «سوق إلكترونيات»

أميرة جادو

افتتح الشارع لأول مرة في عام 1870 على يد الخديوي إسماعيل، لسببين الأول هندسي والآخر ملكي، الهندسي هو تسهيل حركة المواصلات وإتمام تخطيط القاهرة مثل غيره من الشوارع التي شقها إسماعيل، أما السبب الثاني هو تقديمه كهدية ثمينة للسلطان العثماني عبدالعزيز؛ لأنه شرف مصر بزيارة سلطانية حميدة عام 1863، وباسم هذا الشارع أثبت إسماعيل للسلطان أن مصر في عهده ستظل خاضعة تماما للتاج العثماني.

قصة شارع عبدالعزيز

كان شارع عبدالعزيز، في بدايته، جزء مهجورًا  ومهملًا من منطقة كانت خصبة في زرع الصبار ولم تكن الحياة تدب فيها سوى على فترات متباعدة، وبالتحديد عندما يموت أحد أبناء القاهرة خصوصا من الأسر العريقة، وذلك لسبب بسيط ملخصه أن هذه المنطقة كانت مخصصة لمدافن القاهرة، حسب كتاب القاهرة شوارع وحكايات.

لكن عندما اراد إسماعيل باشا باء هذا الشارع سارع بإزالة المقابر ونقل رفاتها إلى مكان آخر فلم يكن من اللائق إن يكون الشارع الذي سيهديه إلى السلطان العثماني محاطا بشواهد القبور وساحة للموتى، ولكي تتم إزالة رائحة الموت تم اختيار أرضه لتسيير واحدة من أوائل وسائل المواصلات الحديثة التي شهدتها القاهرة وهي (الترام) الذي كان يصل منه إلى مشارف قصر عابدين وبفضل صحب هذا الترام ظل الشارع يعرف باسم (شارع التروللي) فترة طويلة.

في سبعينيات القرن الماضي، بدأ الشارع يتخلى عن مكانته الملكية، وأصبح له مكانه جديدة كأكبر بؤرة لبيع الأجهزة الكهربائية الجديدة والمستعملة، وعززت مكانته في مواجهة الأزمة الاقتصادية التي كادت تطيح بنمور آسيا في تسعينيات القرن الماضي فمع هذه الأزمة سارع بعض رجال الأعمال المصريين إلى هذه الدول الآسيوية واشـتروا كميات هائلة من الأجهزة الكهربائية ظنا منهم أن سعرها سيتضاعف في مصر، ولكن هذا التفاؤل سرعان ما تحطم على عتبات حالة الركود التي أصابت مصر، وبالتالي وقع رجال الأعمال في ورطة واخذوا يبحثون عن طريقة لتصريف بضاعتهم الآسيوية بأقل خسارة ممكنة وأخيرا وجدوا ضالتهم في شارع عبدالعزيز.

فنقلوا إليه أطنان الأجهزة الكهربائية لكي تباع بسعر شعبي ومن يومها تحول شارع عبدالعزيز إلى مركز شعبي كبير لبيع مختلف أنواع الأجهزة الكهربائية بسعر رخيص، لذلك فإن هذا الشارع أصبح الآن أشبه بمخزن ضخم للأجهزة الكهربائية لدرجة أنه يمكن القول دون أدنى مبالغة أن كل زاوية وكل ركن بل وكل شبر فيه داخله محل مزدحم بالأجهزة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى