مدينة قوم ثمود والأنباط.. ماذا تعرف عن حضارة “العلا”؟
أميرة جادو
تعد من أقدم المواقع الأثرية الضخمة، وتمتد على مساحة هائلة من أفدنة الجبال الشمالية الغربية للمملكة العربية السعودية، وتتبع إدارياً منطقة المدينة المنورة وتقع على بعد حوالي 300 كيلومتر شمالاً، عرفت العلا بأنها عاصمة الآثار وأرض الحضارات، وأطلق عليها السكان المحليون لقب “عروس الجبال” وعلى مقربة منها تقع مدائن صالح أو قرى صالح أو الحِجر، وهي تسميات تطلق على مكانِ قوم ثمود والأنباط، حيث نحتت قبورهم في الجبال ، والتي يعرفها سكان المنطقة بأنها قصور لروعة وجمال المنحوتات.
كما سميت العلا قديماً بوادي القرى والديدان، ويعود تاريخها إلى آلاف السنين قبل الميلاد، مرت بها عدة حضارات، ويقال إن سبب تسميتها بالعلا نسبة إلى عينين شهيرتين بالمياه العذبة، وهما “المعلق وتدعل”، كما توجد العديد من الآثار العظيمة في المدينة، بعضها ظاهر وبعضها مدفون تحت الأرض، وفيها آثار من العصور القديمة، فضلًا عن بقايا العديد من المعابد والتماثيل التي يعود تاريخها إلى العصر اللحيانيين عام 900 قبل الميلاد.
تاريخ مدينة العلا
تاريخياً كانت تقع في وسط العديد من طرق التجارة القديمة التي كانت تعبر الصحراء، وكانت ذات أهمية خاصة في تجارة اللبان البدوي، وقد تم جلب هذا الخليط من اليمن وانتشر في جميع أنحاء الشرق الأوسط والبحر الأبيض المتوسط من العلا، وبسبب انتشار العديد من الواحات في هذه المنطقة قد وفَّر استراحةً للمسافرين المرهقين، وأصبحت مكانًا شهيرًا للراحة والتقاء التجار والشحن، ولهذا السبب احتلت العديد من الحضارات هذا الموقع، وبناء على بقاياهم المدهشة يمكن القول إنهم كانوا أغنياء جداً.
عاش بها الثموديون والمعينيون
ووفقًا لما ذكره شوقي ضيف في كتابه “العصر الجاهلي في الأدب العربي” فأن منطقة غرب الجزيرة العربية كانت في فترة من الفترات قبل الميلاد خاضعة لنفوذ الآشوريين، الذين دائماً ما كان ملوكهم يتفاخرون بالانتصار على الثموديين الذين كانوا يقيمون في العلا ومدائن صالح، علاوة على اكتشاف نقوش آرامية في منطقة تيماء شمال مدائن صالح، تدل على أنها قامت فيها مستعمرة آرامية تجارية في القرن الخامس قبل الميلاد، إضافة إلى نقوش أخرى تدل على أن المعينيين كانوا يعيشون في العلا، وكانت تسمى حينها بمعين مصران، وسكانها كانوا من عرب الجنوب، وقد نقلوا إليها عباداتهم وهياكلهم المقدسة، وظلوا نشيطين بالتجارة حتى جاءت الدولة النبطية.
الفتح النبطي
تعد من المواقع الأثرية الهامة والشاهدة على الكثير من الحضارات التي عاشت بها، منها هي الدادانية واللحيانية والنبطية، وكانت مملكة دادان من أوائل المجتمعات الحضرية في شبه الجزيرة العربية، وربما قد ذكرت في العهد القديم، لكنها انهارت بشكل غامض، وخلفتها مملكة لحيان، والتي غالباً ما ينظر إليها باعتبارها تطوراً لاحقاً للثقافة الدادانية.
وفي القرن الأول قبل الميلاد، يبدو أن الأنباط من الأردن الحديث قد غزوا العلا واللحيانيين. وقد حوَّلوا المستوطنة إلى مدينة جميلة أطلق على آثارها الحالية بتراء السعودية، وهي إشارة إلى المدينة النبطية، التي تعد أحد مواقع التراث العالمي لليونسكو.
وفي عام 106 بعد الميلاد، عندما غزا الإمبراطور الروماني تراجان المملكة النبطية، استعاد اللحيانيون استقلالهم، حيث يعيش أحفادهم في المنطقة الواقعة بين جدة ومكة حتى يومنا هذا.
والجدير بالذكر، ويعتبر قوم ثمود من أهم القبائل العربية التي سكنت شبه الجزيرة العربية في منطقة الشمال في مدائن صالح، وهناك الكثير من المعلومات التي تؤكد سكن تلك القبائل في هذه المنطقة، ومن أهمها الحادثة التي وقعت للنبي الأمة عليه أفضل الصلاة والسلام سيدنا محمد عند غزوة تبوك عندما مر هو وأصحابه على تلك المنطقة، فنهاهم النبي عليه أفضل الصلاة والسلام أن يقيم في هذه المدينة، لأن نبي الله صالح كان يعيش في هذه المدينة وعصابة قومه والسبب هذا هو وجودهم في هذه المنطقة أن قوم ثمود كان من الأحجار بيوتنا فكانوا ينحتون البيوت في الجبال، و هذه المدينة على الرغم من أنها مازالت متواجدة حتى اليوم إلى أن الكتب السماوية تؤكد تواجدهم بها قوم ثمود.