كفركنا: أرض المعجزات والزيتون في قلب الجليل
كفركنا، بلدة عربية تقع في قلب الجليل بفلسطين، تبعد نحو 15 كيلومترًا غرب بحيرة طبريا و7 كيلومترات شمال مدينة الناصرة. يبلغ عدد سكانها حوالي 19000 نسمة. تُذكر البلدة منذ العصور القديمة في رسائل تل العمارنة، كما ذكرها المؤرخ اليهودي الروماني يوسيفوس فلافيوس. تُعرف كفركنا أيضًا باسم “قانا الجليل”، وهو الاسم الذي ذُكر في الإنجيل عندما قام المسيح بأول معجزاته فيها، حيث حول الماء إلى خمر في عرس قانا.
تاريخ كفركنا
تحيط بكفركنا عدة قرى ومدن عربية، مثل الناصرة والرينة والمشهد وطرعان ودبورية وعين ماهل والشجرة المهجرة. تاريخيًا، اشتهرت البلدة ببساتين الرمان، إلا أن معظم هذه البساتين تلاشت بسبب ازدياد الكثافة السكانية. في الوقت الحاضر، تشتهر كفركنا بكروم الزيتون، وزيت الزيتون المنتج فيها يعتبر من أجود الأنواع في منطقة الجليل.
تضم كفركنا منطقة صناعية مهمة، حيث يوجد فيها مصنع “حام مياد”، وهو من أهم المصانع في شمال فلسطين لإنتاج السخانات الشمسية والكهربائية، وهو معتمد من معهد المواصفات الإسرائيلي. كما تحولت كفركنا في السنوات الأخيرة إلى مركز تجاري رئيسي في قضاء الناصرة، مما يعزز مكانتها الاقتصادية.
يتواجد في كفركنا أربع مدارس ابتدائية ومدرستان إعداديتان ومدرسة ثانوية واحدة، مما يعكس اهتمام البلدة بتعليم الأجيال الجديدة.
تجدر الإشارة إلى أن هناك بلدة أخرى تحمل اسم “قانا” في جنوب لبنان، ولذلك يُفضل دائمًا التمييز بينهما باستخدام “قانا الجليل” للإشارة إلى كفركنا.
تحتضن كفركنا مقام النبي يونس، وتقع إلى الشمال الشرقي من الناصرة على بعد حوالي 6 كيلومترات، وترتفع 275 مترًا عن سطح البحر. وتقوم البلدة على بقعة قرية كنعانية قديمة تُدعى “عت قاصين”. يعتقد بعض الباحثين أن كفركنا تقوم على موقع قرية “قانا الجليل” المذكورة في العهد القديم.
تزخر كفركنا بالآثار، حيث تحتوي على بقايا كنيسة من العصور الوسطى، وقطع معمارية وأعمدة ومدافن منقورة في الصخر، بالإضافة إلى بقايا دير. كما تُحيط بالبلدة “خربة كنا”، التي تضم أساسات وصهاريج منقورة في الصخر، وتقع على موقع قرية “كاريس” الرومانية القديمة.
كفركنا، تلك البلدة التي جمعت بين عبق التاريخ وعراقة الحضارة، تظل شاهدة على مرور الزمن، بمكانتها الدينية والاقتصادية والثقافية، وتواصل جذب الزوار والسكان على حد سواء، حيث يُروى أن ترابها يروي قصصًا لا تُنسى عن تاريخ مليء بالعجائب والبركات.