بعد معركة الريدانية.. قصة إعدام طومان باي عند باب زويلة
أسماء صبحي
في يوم الحادي والعشرين من شهر ربيع الأول هجريا، الموافق 13 أبريل 1517، استشهد الملك العادل السلطان الأشرف طومان باى آخر سلاطين المماليك فى مصر، لتخرج من مصر من عصر المماليك إلى عصر الولاية العثمانية.
وفي عام ١٤٥٣، كان السلطان العثماني محمد الفاتح قد نجح في فتح القسطنطينية عاصمة الدولة البيزنطية واتخذها عاصمة لدولته، وبدأت أنظار العثمانيين تتحول من أوروبا إلى المشرق العربي تطلعاً لتعزيز نفوذهم وسلطانهم بعد تنامي قوة الدولة الصفوية في إيران والعراق، ومساندة السلطان قنصوه الغوري وتأييده للصفويين، وبدأت تتناثر الأخبار في القاهرة عن نوايا سليم الأول في مداهمة مصر.
مواجهة “مرج دابق”
وقعت المواجهة العسكرية بين السلطان سليم الأول والغوري في “مرج دابق”، انتهت بهزيمة الغوري، ووصلت إلى القطر المصري هزيمة العسكر في مرج دابق، فاجتمع أمراء المماليك وقرروا تعين طومان باي سلطاناً عليهم، والذى كان نائب الغوري على مصر أثناء خروجه لملاقاة سليم الأول.
معركة الريدانية
قام طومان باي بإعداد العدة لملاقاة العثمانيين، والتقى الفريقان في معركة “الريدانية” في يوم 29 من ذي الحجة 922هـ، و23 من يناير 1517م، حيث كانت واقعة أشد من مرج دابق، لم تكن إلا ساعة يسيرة حتي هزم طومان باي وفر هارباً وتوجه ناحية بركة الحبش “عين الصيرة”.
وجرت المفاوضات بين طومان باي وبين السلطان سليم، حيث رفض طومان الاعتراف لسليم بالزعامة، ويعود طومان إلى الشمال ويقابل سليم في بر الجيزة عند منوات لكنه يهزم مرة أخري، ويهرب عند شيخ العرب حسن بن مرعي، ولكنه أوشى بمكانه للسلطان العثماني.
إعدام طومان باي
واستطاع العثمانيون دخول القاهرة في آخر يناير عام ١٥١٧، ووقع طومان باي في يد العثمانيين، ولإعحاب سليم الأول به عرض عليه أن يكون واحداً من رجاله، لكن طومان رفض فقرر سليم إعدامه، ونفذ حكم الإعدام في يوم الاثنين الثاني والعشرين من ربيع الأول سنة 923 هجرية، الموافق للثالث عشر من أبريل سنة 1517 ميلادية
فى ذلك اليوم تحرك موكب الأشرف طومان باي للمرة الأخيرة من معسكر سليم العثمانى فى بر امبابة عابراً إلى بولاق مخترقا القاهرة إلى باب زويلة، وانتهى الموكب الأخير لـ”طومان باى” عند باب زويلة، شق شوارع القاهرة من الشرق إلى الغرب، وهو يسلم على أهل القاهرة المصطفين على جانبى الطريق، ولم يعلم “طومان باي” أنه سوف يشنق إلا عندما وصل إليه، فوقف على قدميه وقال للناس من حوله: “اقرأوا سورة الفاتحة ثلاث مرات”، وقرأ الناس معه، ثم قال للمشاعلى: “اعمل شغلك”.
وشنق طمان باي هناك وسط صراخ الناس وعويلهم، فلما شنق وطلعت روحه صرخت عليه الناس صرخة عظيمة وكثر عليه الحزن والأسف، فقد كان شاباً حسن الشكل شجاعاً بطلا تصدى لقتال ابن عثمان وثبت وقت الحرب وحده بنفسه فلم يكن قنصوه الغوري أو خليفته طومان باي مثل غيرهم من السلاطين في المئة عام السابقة لحكمهم، وكانوا سلاطين استطاعوا أن ينالوا حب الشعب واحترامه.
غضب سليم الأول
وظلت جثته معلقة على باب زويلة أو بوابة المتولي حتى ظهر الأربعاء 24 من ربيع الأول، ويقول بن آياس فى بدائع الزهور، إن المصريين ظلوا فى حداد على الأشرف طومان باى لــ40 يوماً مما أثار غيظ سليم الأول ودفعه إلى إباحة المحروسة لجنوده لمدة 21 يوم تنكيلاً بالشعب على وفائه لـ طومان باي.
وظل طومان باي يحتل مكانة كبيرة فىف وجدان الناس في مصر، واستمرت تلك المكانة لأجيال عدة بعد إعدامه على باب زويلة، فقد ظل الناس يقرؤون الفاتحة عند مرورهم تحت باب زويلة في الموقع الذي شنق فيه طومان باي حتى سنوات قليلة مضت ترحما على الرجل، وكانوا يشيرون إلى بقايا حبل فى الخطف الموجود بسقف الممر الذى يتوسط الباب باعتباره الحبل الذي شنق به طومان باي.