وطنيات
الدكتور محمود سعادة.. بطل معركة وقود الصواريخ في حرب أكتوبر
أسماء صبحي
نتناول اليوم قصة بطل لم يكن عسكريًا ولم يرتد البدلة العسكرية أو يشارك في الحرب ولو برصاصة واحدة، ولكنه بخبرته العلمية والأكاديمية استطاع التصدي للطيران الإسرائيلي، وساعد قوات الدفاع الجوي في إحكام السيطرة على سماء مصر.
بداية القصة
إنه الدكتور محمود يوسف سعادة، بدأت القصة حين اتخذ الرئيس الراحل محمد أنور السادات قرارًا بطرد الخبراء السوفييت من مصر عام 1972، وكان السوفييت يشرفون على حائط الصواريخ المصري ويزودونه بالوقود، وبعد قرار الطرد تعنت السوفييت في تزويد مصر بإطارات الطائرات وإمداد الطائرات بالوقود، وهو ما يعني عدم وجود دفاع جوي يسيطر على سماء مصر من طيران الجيش الإسرائيلي.
وعند هذا تأزم الموقف، وحاولت قيادة القوات المسلحة المصرية التغلب هذا الموقف، فقرار الحرب نفذ والجنود على أهبة الاستعداد، وتوجهت القيادة آنذاك إلى القوات المسلحة لإيجاد حل لتلك المشكلة، لكن بدا أن القوات المسلحة لم يكن لديها حل.
حينها كان هناك اتجاه إلى الاستعانة بالعلماء المصريين والخبرات المدنية لعرض المشكلة، وكان هنا دور الدكتور محمود يوسف سعادة الأستاذ بقسم التجارب نصف الصناعية بالمركز القومي للبحوث، الذي انكب على الدراسة والبحث، فنجح في خلال شهر واحد من استخلاص 240 لتر وقود جديدًا صالحًا من الكمية المنتهية الصلاحية الموجودة بالمخازن.
فك شفرة وقود الصواريخ
وتوصل الدكتور سعادة إلى فك شفرة مكونات الوقود إلى عوامله الأساسية والنسب لكل عامل من هذه المكونات، وتم إجراء تجربة شحن صاروخ بهذا الوقود وإطلاقه ونجحت التجربة تماماً، وكان لا بد من استثمار هذا النجاح فتم تكليف أجهزة المخابرات العامة بإحضار زجاجة عينة من هذا الوقود من دولة أخرى غير روسيا، وبسرعة تم إحضار العينة، كما تم استيراد المكونات كمواد كيماوية.
وتعاون المركز القومي للبحوث مع القوات المسلحة ونجح أبناء مصر مدنيين وعسكريين الذين اشتركوا في هذا الجهد العظيم في إنتاج كمية كبيرة (45 طنا) من وقود الصواريخ، وبهذا أصبح الدفاع الجوي المصري على أهبة الاستعداد لتنفيذ دوره المخطط له في عملية الهجوم.
وحاز الدكتور سعادة على جائزة الدولة التشجيعية تقديرًا لجهوده، وتوفي في عام 2011، ليكتب اسمه ضمن أبطال معركة حرب أكتوبر دون أن يطلق رصاصة واحدة أو يرتدي زيًا عسكريًا.