سيناء ..إرادة شعب وقوة جيش عظيم
كتب – حاتم عبد الهادى السيد
لعبت سيناء دورًا محوريًا استراتيجيًا في كل الحروب التي خاضتها مصر بلا استثناء، وشارك أبناء سيناء في كل هذه الحروب، مدافعين عن الكرامة الوطنية، ومعبرين عن الولاء والانتماء للوطن وللعروبة وللقومية العربية والدين الإسلامي الحنيف، ولعل موقع سيناء الجغرافي بالنسبة لمصر قد أكسبها تلك الاستراتيجية المتميزة، لكونها بوابة مصر الشرقية على الحدود والمعبر الوحيد لها من جهة الشرق، فغدت سيناء بموقعها الفريد خط الدفاع الأول عن مصرنا الحبيبة. هذا ولقد عرف العالم بأسره أهمية ومكانة سيناء منذ أقدم العصور، وسعى المستعمرون الذين يريدون دخول مصر إلى بسط سيطرتهم على شبه جزيرة سيناء أولا، فاكتسبت سيناء بذلك أهمية استراتيجية خاصة، وعسكرية أيضًا. ولقد عرفت مصر تلك الأهمية العظيمة لسيناء منذ عهد الفراعنة، فسعت لإنشاء القلاع والحصون بها، ووضعت حاميات عسكرية على طريق الممرات: الكنتلة- العوجة- متلة- أبوعجيلة وغيرها.
تاريخ سيناء القديم
كما كان هناك الطريق الحربى القديم (طريق حوريس) محصنا بالذخيرة والمؤن، هذا ولقد شهدت سيناء حروب مصر منذ عهد الأسرات، كما استخدم القدماء المصريون مناجم سيناء لتعدين النحاس والفيروز والمنجنيز، ونهضوا بالتجارة عن طريق الأسطول المصري في البحر المتوسط والبحر الأحمر، وكانت سيناء تلعب دورا سياسيا واقتصاديا عظيما.
ثم جاءت العصور الوسطى فكانت الثقافة ثقافة فن لا ثقافة أدب، كما كانت ثقافة حروب أيضًا، فانتشرت القصص الشعبية والدراما الدينية، وبظهور البردى تم تسجيل هذه الوقائع بالخط الهيروغليفي والديمقراطي أو الشعبي والإغريقي، وظهر الفن المصري جليا من خلال النقوش البارزة في الصناعات المنوية والمسينية، وبرز الفن المعماري وظهر النحاتون وبنيت القلاع والحصون وزخرفت بالنقوش.
كما ظهرت الكتابات الدينية وبعض الكتابات الأدبية التي اضطلع بها الكهان والكتبة، كما سجلت المعارك الحربية والآثار الفرعونية، وظهرت آثار هذه الحضارات على معابد سيناء مثل معبد سرابيط الخادم ودير سانت كاترين وفوق مآذن المساجد وعلى الجدران والحصون والقلاع وغيرها. وفى عهد الدولة الحديثة حكم مصر البدو الساميون (الهكسوس) وانفصلت سوريا وكنعان عن أيدى المصريين في السنوات الألف الثانية ق.م، حيث كانت شعوب البحر في (ايجا) تعمل في الدلتا نهبًا وتخريبًا، وحدث في غضون هذه الفترة من بداية نشوء الانحطاط أن قطن العبرانيون في (جاسان) وكان الخروج إلى سيناء ليس متأخرًا من عهد أحد فراعنة الأسرة التاسعة عشر حوالى (1320-1200م)
أسماء سيناء على مر العصور
سميت سيناء قديما ( تو – شويت) أي أرض الجدب والنماء بالهيروغليفية، كما كانت تسمى مدينة العريش رينو كلورا أي بلاد مجدوعي الأنوف، إذ كانت سيناء منفى اللصوص وقطاع الطرق، وكان يحكم عليهم بجدع أنوفهم ونفيهم إلى سيناء ولم يهتم الفراعنة بأية إصلاحات إدارية في سيناء، كما لم يهتموا بأحوال السكان هناك، فيما عدا الاهتمام بتعدين النحاس والفيروز وتوظيف كل الثروات الطبيعية لخدمة الفرعون، فكانت النظرة المصرية القديمة لسكان سيناء بأنهم لصوص وتجار للمخدرات، لأنهم كانوا يغيرون على قوافل الحج والتجارة، وهذا ما حدا بالجبرتي أن يصفهم بأنهم أقبح الأجناس وأعظم بلاء محيط بالناس ولكن مع مجيء الهجرات العربية من الجزيرة العربية وبلاد الشام إلى سيناء واستقرار بعض القبائل على أرضها علاوة على قداستها وأهميتها الاستراتيجية فإن كل ذلك قد غير في التركيبة السكانية والثقافية لشبه جزيرة سيناء.