أبرزها “الهجيني”.. تعرف على أنواع الغناء عند البدو
أميرة جادو
يعبر الغناء عن فرح النفس وانتشائها في جو من النعيم والسرور، يمكن أن يكون للغناء نغمة حزن للتعبير عن مشاعر الحزن ومشاعر الكآبة في الروح، وللغناء في الصحراء ألحان كثيرة تفرضها البيئة الصحراوية من حيث النغمة واللحن، والطبيعة ترسمه بألوان مختلفة تتناسب مع تلك البيئة وتتناسب مع الظروف المعيشية في الصحراء.
ينقسم الغناء عند البدو أو في المجتمع الصحراوي إلى نوعين: قسم الرجال وهو الأكثر شيوعًا، وقسم للسيدات تقتصر على الأعراس أو المناسبات المماثلة الأخرى.
أنواع الغناء البدوي
الهجيني
وهي من الأغاني الشعبية القديمة التي غناها المسافرون على ظهور جمالهم وهم عابرين في الصحراء ومسافاتها الطويلة في قوافل مختلفة، منها ما كثر عددها ومنها ما هو دون ذلك.
يجعل النوع من الغناء الرحلة أسهل ويخفف من صعوبتها، ويشجع الجمال على الانطلاق بشكل أسرع، فيمدوا أعناقهم، ثم أرجلهم الأمامية، ثم تبعوهم بأرجلهم الخلفية فتمشي وكأنها تعلو وتهبط، ويشعر المغني بهذا الارتفاع والهبوط فينطلق صوته ليتناغم مع سير الإبل وهي تتهادى في رمال الصحراء، فيعلو صوته تارة وينخفض تارة أخرى مع إيقاع أخفاف الإبل ووقع خطواتها.
وأطلق عليه أسم الهجيني حيث يأتي من الهجين، وجمعه هجن وهو الإبل الرشيقة السريعة في المشي الذي يستخدم من أجل السفر وقطع المسافات البعيدة، ومن لفظة الهجيني اشتقوا فعلاً فقالوا: هَوجَنَ، يهَوجِن هَوجَنَةً؛ أي تغنّى بهذا النوع من الغناء.
ومن الممكن أن يتشارك في غناء الهجيني شخصان أو أكثر، يرد الواحد منهم على الآخر بأبياتٍ توحي له أبياتاً مشابهة أو ذات صلة فيطرب لها الرَّكْب المسافر وينسى هموم السفر ووحشة الطريق.
المويلي
وهو مشتق من المويل، وهو تصغير للموّال بلهجة البدو، وذلك أن هذا اللحن أشبه ما يكون بالموّال، حيث تطول فيه النغمة بشكل كبير تجعلها قريبة من مخرج صوت الموّال، وإن كان من حيث التركيب أقرب ما يكون إلى الهجيني ولكنه أقصر منه نغمة وأسرع إيقاعاً.
وهو من الألحان الأصلية التي يعتبرها البدو أصل الغناء عندهم والتي تتركز في الهجيني والمويلي والرِّزْعة والبَدْع، أما الأنواع الأخرى من الغناء فهي أقل شهرة من هذه الأنواع المذكورة وأقل انتشاراً بين الأوساط الشعبية.
فهو أيضًا يساعد على التخفيف من مسافات السفر والرحلات الطويلة، فنرى فيه ذكر السفر والإبل والحنين والغزل وما شابه، وهو بذلك لا يقتصر على المناسبات الخاصة كما هو الحال مع البَدْع أو الرِّزْعة.
البَدْع
يعتبر هذا النوع من الغناء من الشعر الارتجالي المسجوع الذي يعتمد على جمل قصيرة وسجع، ويلقى ويغني في سامر الأعراس.
حيث تقام الحفلات ويتبارز فيه عدد من الشعراء الذين برعوا في إلقاء البَدْع أو هذا النوع من الشعر، وإذا ما نبا بأحدهم لسانه بكلمة لا تروق للبداع الآخر فحينها يبدأ التراشق بالكلام، وقد يصل الحال إلى إقذاع القول أو ربما إلى المشاجرة.. ولكن ذلك ليس في كل الحالات.. فسرعان ما يتصالح البداعون وتعود المياه إلى مجاريها.
ويبقى ذلك النوع الشعري الخاص الذي نسمعه في الأعراس وفي المناسبات السعيدة.. ويظل اسمه مقترناً بهذه المناسبات مهما قست الظروف وتغيرت أحوال الزمان.
الرِّزْعة
هي نوع مختلف من الشعر الارتجالي الذي يفضله البدو ويغنّونه في مناسباتهم المختلفة وينتشر بين أوساطهم بشكلٍ كبير، وشعر الرِّزْعَة يشبه البَدْع.
ولكنه يختلف عنه في النغمة واللحن.. فهو أطول نفساً وأرقّ نغمة وأصفى جَرْسَاً ووقعاً على النفس.
ويغنى به أيضًا في مناسبات السَّمَر والأعْرَاس مثل البَدْع، إلا أنه يمكن أن يَتَغَنَّى به الراعي وهو يرعى مع قطيعه.. أو ربما يسلّي به نفسه وهو في بيته، ومن هنا كان انتشاره أكثر من البَدْع. وكثيراً ما يتبارز فيه أكثر من شاعر فنرى ألواناً مختلفة من البلاغة الشعبية والتشابيه اللفظية الجميلة.
ولهذا النوع من الشعر أغراض مختلفة كأغراض الشعر الفصيح.. ولكن يغلب عليه طابع الغزل، والتشبيب بجمال المرأة.. والشكوى من بعدها وما شابه ذلك.
إضافةً إلى الألوان الأخرى التي يتناولها الشعر على أنواعه.