السامر السيناوي في بادية سيناء

حاتم عبدالهادي السيد
ارتبط الشعر والغناء في سيناء بالسامر السيناوي، وهو أوبرا البادية، وفيه تقدم جميع فنون الرقص أو الدبكة والمربوعة والدحية وكلها رقصات تؤدي بدق الكفوف وتخبيط الأرجل علي الأرض، وبمصاحبة الآلات الموسيقية البدوية، في عدة أحايين علي أنغام الشبابة والمقرون والأرغول والسمسمبة، وهي آلات الطرب والغناء البدوي .
يقول نعوم شقير “كل شعر في سيناء يغنى، والشعر والغناء عندهم أربعة أنواع: القصيد والمواليا وحداء الإبل وغناء الرقص وهو ثلاثة أنواع: الدحية والسامر والمشرقية. والشعر في هذه الأنواع الثلاثة يرتجل كالقرادة والمعنى في لبنان، والزجل في مصر. ولغة الشعر عندهم على أنواعه اللغة العامية”5.
وقد عرف نعوم شقير كل نوع منها وأورد نماذج له في مؤلفه المشهور. كما أقر هذا التقسيم حاتم عبد الهادي في كتابه “ملامح الشعر في بادية سيناء”، وأضاف إلى التقسيم أن السامر نوعان:
(أ) الخوجار: وتبدع فيه النساء،
(ب) الرزعة: ويبدع فيه الرجال، إلى جانب بعض الأغاني الخاصة بموسم الحصاد ورؤية الهلال، علاوة على وجود البداع الذي يرتجل الشعر وغيره من الألوان الأدبية الأخرى.
ويمكننا بناء على ذلك – كما يقول الدكتور إبراهيم عبد الحافظ الباحث في التراث الشعبي – أن نقر بأن رواة الشعر الشعبي في سيناء ينقسمون إلى ثلاثة هم:
– الشاعر: ويختص بإبداع وإنشاد القصائد وأغلبها شعر نبطي.
– البداع : ويختص بالغناء في السامر مصاحباً للرقص.
– الحادى : وينشد عند سقى الإبل أو تحفيزها على السير.
وتتداخل أنواع الشعر الشعبي لدى البداع والحادي، فالحادي قد ينشد الموال ويقال له هجيني أي ينشد الهجيني ومن نماذجه:
يا راكباً على الجعود (القعود) علم على الدرب عجبي
وصار الجديـد مـا يظـل في الجلــب ماضي وعندما يطلب من مغن أن ينشد الهجيني، يقال له شوبش أو ما تشوبش يا ولد أي غن أو قل موالاً. وكان الشائع في الموال أن يتبادل غناءه بداعان أو حاديان ولكن هذه المساجلات قلت إلى حد بعيد الآن.
الرزعة من أغاني السامر : وتسمى الرزيع وفيها يتم الدق بكفوف الأيدي من جانب الرجال، وتشارك المرأة وتسمى الحاشية في وسط السامر، وهو ينقسم – أي السامر – إلي عدة أقسام :
1- الدحية .
2- المشرقية .
3- الرزعة.
والرزعة :
وهى بداية السامر التي تكون بطيئة، حيث يقوم الرجال والنساء بدق الكف وهم جالسون، وتبدأ النساء في إطلاق الزغاريد والغناء. ويسمى هذا القسم الرزيع أو الرزعة، وهو عبارة عن نداء لأفراد القبيلة لحضور السامر ويغنى الرجال قائلين:
جوموا للرزعة يا شباب يا حلويــن
في بلاد الزينة موجع للعشاج يطيـب
جلبي في هواهن جرح منهن ما يطيب
ثم يكتمل الجمع المشارك فى السامر ويتحمسون للتعبير عن فرحتهم. وهنا يهب أحدهم واقفاً وينادى بصوت مرتفع: ها ها ها ها فيقف الجميع ويصطفون صفاً واحداً ليبدأ القسم الثاني من السامر وهو رقصة الدحية، وينطلق فيها الغناء مصحوباً بالرقص.
– الدحية :
الدحية أو الدحة يقصد بها دحية الحاشية (الحاشي). والغناء فيها له طريقة خاصة في الأداء. يصطف الرجال فيها جنباً إلى جنب متلامسي الأكتاف، بينما تصطف النساء على بُعد. ويقف في منتصف الصف أكفأ الرجال، وعادة ما يكونون من الكهول، لأنهم يتميزون بقدرتهم على الرقص (اللعب) وعلى الغناء، وهم الذين يحفظون الأشعار.
وتدخل الحاشية فتبدأ مجموعة الرجال في تحيتها بدق الكف مع الحركة والغناء :
دحيوه دحيوه دحيه
رويحاني نجول الريداه
رويحه نجول الريداه,
أي رايحين نقول القول الطيب، فيرد المجموع :
يا مرحب يوم انك جيتي نورتي العتمة واضويتي
فيرد الجميع رايحين نقول الريداه..
ويظل الشعراء يتبارزون حتي ينتهي السامر قبيل نهاية الليل مع طلوع الفجر .
إنها بادية سيناء حيث الصحراء والسمر والغناء والشعر البدوي الأصيل .