تاريخ ومزارات

بالصور الفوتوغرافية.. مصر أول دول توثق مراسم الحج قديمًا

أسماء صبحي
تعتبر مصر هي صاحبة الفضل الأول في توثيق أجواء الحج قديمًا عن طريق الصور الفوتغوغرافية، وكانت سباقة في هذا الشأن من خلال رجلين تسلما الراية لتوثيق الحج منذ العام 1880م حتى نهاية العام 1901م.

محمد صادق المصري

ويعتبر محمد صادق بيه المصري هو أول إنسان يلتقط صوراً فوتوغرافية لمناسك الحج ومشاعره، وقد تخرج من مدرسة الهندسة الحربية و تعلم التصوير في باريس، ثم عمل في الجيش المصري وزار الحجاز 3 مرات خلال 20 سنة بين سنة 1860 م، و 1880 م، وألف في ذلك مجموعة من الكتب لعل أهمها كتاب مشعل المحمل.
 

اللواء إبراهيم باشا رفعت

وبعد رحيل محمد صادق بيه، جاء دور اللواء إبراهيم باشا رفعت من خلال كتابه المُسَمَّى بـ “مرآة الحرمين – الرحلات الحجازية والحج ومشاعره الدينية مُحلاّة بمئات الصور الشمسية“ وقد كتبه وصور كل صوره سنة 1901 م، وطبعه سنة 1925 م.
 
ويعد كتابه من أنفس الكتب عن هذا الموضوع، وقد ذهب للحج للمرة الأولى عام 1318 هـ 1901م عندما عين قومندان لحرس المحمل المصري، وفي عام 1320 هـ 1903م عين أميراً لركب الحج المصري، وكذلك في حج عام 1321 هـ 1904م، وأخيراً في حج عام 1325 هـ 1908م.
 
وهناك مجموعة من الصور النادرة التي تلخص أجواء الحج قديمًا، منذ بداية الحج حتى نهاية أداء الفريضة، ويعود تاريخ هذه الصور لأواخر القرن الـ 19 و بدايات القرن الـ 20.
 

المحمل المصري

وكان المحمل المصري عبارة عن موكب سنوي يخرج من مصر كل عام حاملاً كسوة الكعبة بحضور الخديوي ورموز الحكم بصحبة شيخ الأزهر ووفد من الأوقاف والطرق الصوفية، مع إطلاق 21 طلقة مدفع في الاستقبال والتوديع، وقد جرى هذا التقليد منذ العصر المملوكي حتى عصر الرئيس جمال عبدالناصر.
 
أما كسوة الكعبة فقد كانت تصنع في مصر منذ عصر عمر بن الخطاب حتى سنة 1963م، وكان المحمل المصري يصل إلى محطة سكة حديد الإسماعيلية بعد مروره على محطات “القاهرة، طوخ، بنها، الزقازيق، الإسماعيلية، فايد”، في موكب مهيب يضم المسؤلين وعلماء الأزهر حتى يستقر في محطة السكة الحديد هناك.
 
وبمجرد وصول المحمل الذي يحمل كسوة الكعبة إلى محطة السويس استعدادًا لتحركه إلى الحجاز، كان يُجَهَّز حفل استقبال له من خلال إطلاق 21 طلقة مدفع احتفالاً باستقباله بحضور المحافظ والقناصل والأهالي، ومع تحركه إلى جدة يُطْلَق 21 طلقة مدفع أخرى لتوديعه، وبين الاستقبال والتوديع تعقد ليالي الذكر برعاية الأزهر و الصوفية.
 

وصول جدة

وكان المحمل المصري يصل إلى ميناء جدة بعد 66 ساعة بعد تحركه من السويس، وقد تأسس ميناء جدة في عهد ثالث الخلفاء الراشدين عثمان بن عفان سنة 26هـ / 646 م، ليحل محل ميناء الشعيبة الواقعة جنوب غرب مكة المكرمة.
 
وكان احتفال أهالي جدة يتم بحضور حاكم المدينة وأمير الحج، ثم يتم عزف السلام الرسمي، يعقبه بعد ذلك إطلاق 21 طلقة ويبدأ تحرك الموكب مع تلبية الحجيج، جرت عادة الأهالي في جدة على اصطحاب الأطفال الرضع للتمسح بالمحمل من أجل نيل البَركة.
 

قدسية مكة المكرمة

وتكتسب مكة المكرمة قدسية كبيرة منذ عصر ما قبل ميلاد النبي إسماعيل وقيامه مع أبيه النبي إبراهيم برفع أساسات الكعبة، وتكمن قدسية مكة المكرمة في الكعبة الشريفة.
 
وكانت كسوة الكعبة مرتبطة ارتباط لصيق بتاريخ كل الدول والإمبراطوريات الإسلامية التي كانت تقوم بصنع الكسوة في مصر، وظلت مصر منذ عصر عمر بن الخطاب حتى سنة 1963 م هي المتعهدة الأولى لصنع الكسوة، حتى وقعت الخلافات السياسية بين الرئيس جمال عبدالناصر و الملك فيصل أدت إلى توقف مصر عن صنع الكسوة، وتولت المملكة العربية السعودية صنع الكسوة منذ هذا التاريخ إلى اليوم.
 

سدنة الكعبة

كما كان لمفتاح الكعبة كيس خاص بها، وكان كيس مفتاح الكعبة يعْطَى لـ “سدنة الكعبة” وسدنة الكعبة اسم لمنصب “سدانة الكعبة” وهو المنصب المنوط به العناية بالكعبة والقيام بشؤونها من حيث فتحها وإغلاقها وتنظيفها وغسلها وكسوته، وهذا المنصب لا زال قائماً إلى الآن، تولاه 109 شخص من أيام قصي بن كلاب سيد قريش.
 

مقام إبراهيم عليه السلام

وبداخل الحرم المكي، مواضع مقدسة لعل أبرزها مقام إبراهيم عليه السلام، والذي هو وفق مرآة الحرمين حجر رخو من نوع حجر الماء على شكل مكعب يبلغ عرضه وطوله وارتفاعه 50 سم، وفي وسطه أثر قدمي النبي إبراهيم.
 
وذكر المؤرخون أن أول من غطى المقام من الحكام هو الخليفة العباسي المهدي، وذلك عام 161 للهجرة، وبعد ذلك زاد عليه الخليفة المتوكل عام 236 للهجرة، وصب عليه الذهب والفضة لتقويته حيث إنه حجر رخو.
 
وقد تم تركيب بلورة من الزجاج وغطاء فوقها من النحاس، كما تم تجديده بعد أعمال الترميم التي حصلت في عهد الملك فهد وتم وضع فوقه زجاج بلوري مقاوم للحرارة والكسر، وغطاء من النحاس المغطى بالذهب.
 
وفي مكة منطقة بئر طوى في منطقة الشيخ محمود، هي منطقة البئر الذي اغتسل منه سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم أثناء فتح مكة، وحي الشيخ محمود ينتسب إلى السيد محمود بن إبراهيم بن أدهم، كما يتصل بها أيضاً طريق ثنية كداء، وكان هو المسلك الذي مشى فيه الرسول صلى الله عليه وسلم بحجة الوداع.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى