حوارات و تقارير

رحلة العائلة المقدسة خطوات باركتها السماء من جبال رفح إلى وديان أسيوط مصر تحتفى بالمسيح وأمه

أحمد عبد الحكيم

منذ أن حملت به والدته البتول مريم إلى ولادته تحت جذع نخلة، مرورا برحلتهم المقدسة والمجيء إلى أرض الكنانة مصر، تتجسد قدرة الله تعالى في الخلق وتتجلى حكمته في حفظ نبيه عيسى عليه السلام وأمه الطاهرة من كل أذى لتصبح خطواته فيما بعد مزارات مباركة خصّ الله تعالى أهل مصر بنصيب كبير منها.

الرحلة المقدسة وأماكن الزيارات

وحسب المصادر التاريخية القبطية، سلكت السيدة مريم وولدها عدة طرق عند مجيئها من فلسطين إلى مصر، هربا من خطر الرومان.
ومن أجل الوصول إلى مصر ومرورا ببيت لحم في فلسطين، قطعت العائلة المقدسة رحلتها الشاقة التى اجتازت فيها صحارى ووديانا وجبالا استمرت قرابة ثلاث سنوات، تركت فيها العائلة مزارات دينية وسياحية ومعجزات أصبحت مع تتالي الدهر الشاهد على العائلة وعلى الرحلة، ومن المعالم المسيحية والآثار القبطية في دولة ضمت عبق التاريخ وضمت معجزات وحضارات شهد عليها الزمن حتى الآن، وخلال تلك الرحلة باركت العائلة أكثر من ٢٥ بقعة في ربوع مصر المختلفة تحمل ذكراهم العطرة، حيث تنقلت بين جنباتها من ساحل سيناء شرقا إلى دلتا النيل حتى وصلت إلى أقاصي صعيد مصر.

ويمتد مسار رحلة العائلة المقدسة لمسافة 3500 كيلو متر ذهابا وعودة من سيناء حتى أسيوط، حيث يحوي كل موقع حلّت به العائلة مجموعة من الآثار في صورة كنائس أو أديرة أو آبار مياه ومجموعة من الأيقونات القبطية الدالة على مرور العائلة المقدسة بتلك المواقع وفقا لما أقرته الكنيسة القبطية الأرثوذكسية في مصر.

وكانت بداية الرحلة داخل ربوع مصرنا العزيزة من رفح بالشمال الشرقى للبلاد، مرورا بالفرما شرق بورسعيد، وإقليم الدلتا عند سخا بكفر الشيخ، وتل بسطا بالشرقية، وسمنود بالغربية، ثم انتقلت إلى وادي النطرون في الصحراء الغربية حيث أديرة الأنبا بيشوى والسيدة العذراء “السريان”، والبراموس، والقديس أبو مقار.

واتجهت بعد ذلك إلى منطقة مسطرد والمطرية حيث توجد شجرة مريم، ثم كنيسة زويلة بالقاهرة الفاطمية، ثم مناطق مصر القديمة عند كنيسة أبي سرجة في وسط مجمع الأديان، ومنها إلى كنيسة المعادى وهى نقطة عبور العائلة المقدسة لنهر النيل، حيث ظهرت صفحة الكتاب المقدس على سطح المياه، مشيرة إلى المقولة الشهيرة «مبارك شعبى مصر»، وصولا إلى المنيا حيث جبل الطير، ثم أسيوط حيث يوجد دير المحرق، ثم انتقلت إلى مغارة درنكة، ثم العودة مجددا إلى أرض الموطن عند بيت لحم.

جهود «السياحة والآثار»

أدى اهتمام وزارة السياحة والآثار بتطوير مواقع الآثار القبطية التي مرت بها العائلة المقدسة في أثناء رحلتها بمصر، إلى اتخاذ الوزارة عدة إجراءات لتوثيق وترميم وتطوير محطات رحلة العائلة المقدسة. جدير بالذكر أن مشروع إحياء مسار العائلة المقدسة إلى مصر يعد مشروعاً قومياً باعتباره محوراً عمرانياً تنموياً يقوده قطاع السياحة وتؤدي تنمية هذا المحور إلى تنمية المجتمعات المحيطة بطول المسار. حيث وافق مجلس إدارة صندوق السياحة برئاسة الدكتور خالد العناني وزير السياحة و الآثار، في أواخر شهر مارس الماضي على تحويل مبلغ ٤١ مليون جنيه إلى وزارة التنمية المحلية.

وخصص المبلغ لاستكمال أعمال تطوير مواقع مسار العائلة المقدسة بمصر وذلك من الميزانية المخصصة لها من موازنة صندوق السياحة بمقدار ٦٠ مليون جنيه.

كما قامت هيئة التنمية السياحية، بوضع الخطط والاشتراطات التنموية لهذه المناطق لما يمثله هذا المشروع من أهمية للقطاع السياحي مما سيعمل على زيادة أعداد السائحين إلى المقاصد السياحية الدينية في مصر.
وتشمل أعمال التطوير أيضا النهوض ورفع كفاءة مستوى الخدمات السياحية المقدمة للزائرين بالمواقع الموجودة على نقاط المسار.

مشروعات الترميم

تم الانتهاء من ترميم كنيسة السيدة العذراء مريم والشهيد أبانوب بسمنود، وترميم كنيسة أبي سرجة بمصر القديمة في عام2016، وبحلول عام 2017 تم الانتهاء من أعمال الترميم للمباني المتضررة من السيول في أديرة وادى النطرون وهي :-
دير السريان حيث تم الانتهاء من ترميم كنيسة العذراء الأثرية وكنيسة الأربعين، كذلك الانتهاء من ترميم القلالي الحديثة الملاصقة للسور الشمالي للدير، ودير البراموس والذي تم الانتهاء من ترميم الكنيسة الرئيسية، كما تمّ الانتهاء من ترميم الجزء الشرقي من السور الأثري للدير، وجار أعمال ترميم القلالي الحديثة داخل الأسوار، ودير الأنبا بيشوي، حيث تم الانتهاء من ترميم كل من كنيسة الرهبان والقلالي الأثرية الملاصقة للسور الجنوبي والطاحونة الأثرية، كما تم الانتهاء من ترميم كنيسة الأنبا بيشوي من أعلى السطح وكذلك الجدران من الخارج، والانتهاء من مشروع صيانة وترميم موقع شجرة وبئر مريم بالمطرية 2019.

ملف أديرة وادي النطرون:

يناير 2020: تمّ الانتهاء من إعداد ملف لإدراج الأديرة القبطية بوادي النطرون على قائمة التراث العالمي بعد مراجعته من قبل خبراء من منظمة أيكروم الشارقة، وذلك بعد عدة إجراءات منها:
الانتهاء من المادة العلمية.
رفع إحداثيات مواقع أديرة وادي النطرون وإعداد خرائطها.
بيان القيمة العالمية الاستثنائية.
توثيق حالة الحفاظ الراهنة للأديرة والمخاطر، كذا بيان المشروعات السابقة سواء للحفائر أو الترميم.
رصد احتياجات المواقع، وخطة إدارة المواقع بالتنسيق مع رهبان الدير ومحافظة البحيرة وهيئة التنمية السياحية.

أعمال رفع الكفاءة

مصر القديمة

تمّت إعادة رصف الشوارع المؤدية إلى مجمع الأديان، وتنفيذ ازدواج الطريق، وإنشاء طريق بديل لوسائل النقل العام، ووضع العلامات الإرشادية والبرجولات، وإنشاء بوابات سياحية للمنطقة تحمل أيقونة العائلة المقدسة على مسافة بين 800 م إلى 1 كم من موقع المزار.

تجدر الإشارة إلى أهمية الموقع نظراً لقربه من صرح حضاري ضخم مثل: المتحف القومي للحضارة المصرية، علماً بأن وزارة السياحة وضعت مخططًا شاملًا لتطوير المنطقة (تمّ رصف كوبرى العاشر أمام سوق الفسطاط).

– كنيسة المعادي

تمّ السير في إجراءات إنشاء مرسى نيلي واستصدار الموافقات اللازمة من مجلس الوزراء، وإنشاء منطقة خدمات ومرافق للزائرين، وأماكن انتظار.

المطرية

تمّت تكسية أسوار الكنيسة ودهان المباني المحيطة، ورفع كفاءة البئر، وإنشاء مركز للزائرين، ودورات مياه.

كفر الشيخ

تطوير الكنيسة والشارع المؤدى إليها، ودهان الواجهات، وزراعة النخيل، وإنشاء ساحة لانتظار السيارات وبجوارها حديقة، وإنشاء دورات مياه ومظلات وكافيتريات، كما جارٍ التفاوض مع وزارة الزراعة لاستغلال قطعة أرض تابعة لها محيطة بالمنطقة لإنشاء بازارات.

– تل بسطا

تمّ تجديد قاعة العرض الأثرى، وإنشاء بوابات سياحية، وبناء سور حديدى للحفاظ على الآثار، وإنشاء غرف للأمن والتفتيش، وإقامة برجولات سياحية ودورات مياه، ووضع لافتات إرشادية ومرورية، وإعداد مسار سياحي للبئر الأثرية.

– سمنود

وهو المشروع الرائد لباقي النقاط على مسار العائلة المقدسة (نسبة الإنجاز 100% بتكلفة 7.5 مليون جنيه)، حيث تم تطوير منطقة السوق التي كانت تعانى من العشوائية ما يتسبب في صعوبة وصول الزائرين إلى الكنيسة، ورفع كفاءة وتوحيد واجهات المحلات، وإنشاء حاجز لضبط المرور في المنطقة، وتبليط الأرضيات باستخدام الإنترلوك، وإنشاء ساحة لانتظار السيارات في نهاية الميدان، وإنشاء نافورة في الميدان وإنارة المنطقة، وإنشاء بوابتين.

– وادي النطرون

تمّ رصف 24 كم طرق دائرية تصل الأديرة بعضها ببعض، وإنشاء بوابات عند المدخل وعند دير السريان وعند دير الباراموس، وتنفيذ أعمال إنارة بالتنسيق مع محافظة البحيرة، وإنشاء مواقع توقف في أثناء زيارة الأديرة.

– المنيا

ترميم الكنيسة، إضافة إلى إقامة مبنى فندقي من دورين متوافق مع الطابع التاريخي للمنطقة، وإقامة دورات مياه، ودهان المقابر المحيطة لتجميل المكان، وإنشاء سور وجدارية، إضافة إلى إنشاء الوزارة طريقا بديلا بطول 1,2 كم بديلاً عن الطريق القديم بطول 18 كم المحاذي للترعة، وكان المرور عليه غير آمن، وتمّ إنشاء طريق مباشر يربط بين أسيوط والمنيا، وتمّ الانتهاء من تنفيذ بوابات على الطريق الشرقى القادم من أسيوط (800 م من الكنيسة)، وإقامة مركز للزائرين.

جبل درنكة – دير المحرّق

تمّ إنشاء بوابات، ووضع اللافتات الإرشادية باللغتين العربية والإنجليزية، وتأهيل ورصف الطرق المؤدية إلى جبل درنكة، وإزالة القمامة.

– الفرما

الانتهاء من رصف 5 كم وجارٍ استكمال أعمال الرصف لـ20 كم، وستقوم محافظة بورسعيد بتوفير الخدمات اللوجيستية.

اليونسكو

12• يونيو 2018: صدَر القرار الوزاري رقم 193 لسنة  2018 بشأن إعداد الدراسات الخاصة بالمواقع الأثرية الموجودة على مسار رحلة العائلة المقدسة، ووضع المسار على قائمة التراث اللامادي لمنظمة اليونسكو، وتضم اللجنة مجموعة من الوزارات والهيئات منها وزارات كل من الثقافة والتنمية المحلية والخارجية والإدارة العامة لشرطة السياحة والآثار وممثل للكنيسة القبطية ومجموعة من الخبراء في التراث المصري من الجامعات المصرية.

• مارس 2020: أعدت وزارة السياحة والآثار ملفا موثقا بالاحتفالات المرتبطة بمسار رحلة العائلة المقدسة، وفق ضوابط منظمة اليونسكو وتسليمه للجنة الوطنية بباريس، وذلك من خلال عدة إجراءات وهي:
• اعتبار التاريخ الموافق 24 بشنس (1 يونيو) موعد دخول العائلة المقدسة مصر، طبقاً للكنيسة القبطية، وكل مظاهر الاحتفالات والموالد في هذا اليوم هو مقصد ملف اللجنة.
• اعتماد خريطة مسار رحلة العائلة المقدسة التي تحمل توقيع البابا شنودة كخريطة استرشادية لكل أعمال اللجنة.

• تجميع كل المادة التوثيقية للاحتفالات الموجودة التي تُقام في الأديرة المصرية وذلك بالتنسيق مع ممثل الكنيسة -في اللجنة- ورهبان الكنائس والأديرة، كذلك ما تمّ توثيقه في إدارة الأرشيف والمؤثرات الشعبية بوزارة الثقافة.

• تشكيل فريق عمل لتوثيق التراث غير المادي بالمواقع التي حددتها اللجنة العلمية، وفق التاريخ المعتمد من الكنيسة القبطية.

• تنظيم ورشة تأهيل للباحثين وفريق العمل الخاص بالزيارات الميدانية.

• تم رصد الاحتفالات المقامة على محطات رحلة العائلة المقدسة في محافظات القاهرة الكبرى، البحيرة، كفر الشيخ، الغربية، الشرقية، المنيا، أسيوط.

• عمل كتالوج صور يرصد الاحتفالات المقامة على محطات رحلة العائلة المقدسة في المحافظات.

تمثلت كل تلك الجهود الإدارية والبحثية واهتمام الدولة في توثيق رحلة العائلة المقدسة وإظهارها لأهمية المزارات والأماكن التى مثلت أهمية دينية لأصحاب الدين المسيحي وأهمية أثرية للدولة.

يشار إلى أن وزير السياحة كان قد سبق وأن زار دولة الفاتيكان أكثر من مرة آخرها في مايو الماضى وذلك للتباحث حول التعاون بين مصر والفاتيكان فى الترويج للسياحة الدينية فى مصر، وخاصة فيما يتعلق برحلة العائلة المقدسة والتى من المتوقع أن تجذب شريحة كبيرة من السائحين المهتمين بهذه النوعية من الأنماط السياحية.

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى