حوارات و تقارير

نجم الدين أيوب: الرجل الذي ولد السلطان

نجم الدين أيوب بن شاذي بن مروان الملقب بالملك الأفضل أبو الشكر هو أبو السلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب.

من هو نجم الدين أيوب

ذكر بعض المؤرخين: أن شاذي بن مروان كان من سكان دوين ومن أشرافها وأعزائها، وكان له رفيق يسمى: بهروز المجاهد جمال الدولة، وكان من أفطن الناس وأرقهم وأعلمهم بإدارة الأمور. كما كان بينهما مودة كما بين الإخوة. فوقعت لبهروز مشكلة في دوين. فغادرها حياء واحتراماً، وذلك لأنه اتهم بامرأة من أمراء دوين. فأخذه زوجها ففحصه، فلما عرض عليه لم يستطع البقاء في البلد، وسعى لخدمة أحد الملوك السلجوقيين، وهو السلطان ملكشاه محمد بن غياث الدين.

فوجده كريماً جامعاً في كل الأمور، فتقدم عنده وتفرد. كما أسند إليه شؤونه، وجعله يرافق أولاد السلطان مسعود إذا كان له عمل. فرآه السلطان يوما مع أولاده، فاستغرب من اللال، فقال له: إنه خادم، ومدحه وشكر دينه وطهارته ومعرفته. ثم صار يرسله إلى السلطان في الأعمال، فأسعد قلبه. ولعب معه بالشطرنج والنرد فربح عنده، وحدث موت اللال. فجعله السلطان محله، وأوكل إليه مهامه، وسلم إليه أولاده. كما انتشر اسمه في تلك الأقاليم، فأرسل إلى شاذي يدعوه من بلده لينظر ما وصل إليه من البركة.

واتفق أن السلطان أراد أن ينتدب المجاهد المذكور إلى بغداد والياً عليها ونائباً عنه بها. وكذا كانت سنة الملوك السلجوقيين في بغداد يبعثون إليها النواب. فاصطحب معه شاذي المذكور، فسار هو وأولاده معه. وأعطى السلطان لبهروز قلعة تكريت. فلم يجد من يوثق به في أمرها إلا شاذي المذكور، فبعثه إليها. فذهب وأقام بها فترة ومات بها، فخلفه ولده نجم الدين أيوب. فقام في أمرها، وشكره بهروز وأحسن إليه، وكان أكبر سناً من أخيه شيركوه أسد الدين.

قلعة تكريت

ثم اتفق أن بعض النساء خرجت من قلعة تكريت لتلبية حاجة. ورجعت فمرت على نجم الدين أيوب وأخيه شيركوه أسد الدين وهي تبكي، فسألاها عن سبب بكائها، فقالت: أنا دخلت في الباب الذي للقلعة، فواجهني الإسفهسلار، فقام شيركوه وأخذ الحربة وضربه بها فقتله. فأمسكه أخوه نجم الدين أيوب وحبسه. وكتب إلى بهروز وأخبره بحالة الأمر ليفعل فيه ما يراه، فوصل إليه جوابه لأبيكما علي حق، وبيني وبينه محبة، ما يمكنني أن أجازيكما بحالة سيئة تصدر مني في حقكما. ولكن أشتهي منكما أن تتخليا عن خدمتي، وتخرجا من بلدي. وتطلبا الرزق حيث شئتما. فلما وصلهما الجواب ما أمكنهما المقام بتكريت، فخرجا منها ووصلا إلى الموصل. فأحسن إليهما الأتابك زنكي عماد الدين لما كان تقدم لهما عنده. وزاد في إكرامهما والإنعام عليهما. كما أقطعهما إقطاعاً حسناً، ثم لما ملك الأتابك قلعة بعلبك استخلف بها نجم الدين أيوب.

ولما توجه أخوه شيركوه أسد الدين إلى مصر لإنقاذ شاور. كما كان نجم الدين أيوب مقيماً بدمشق في خدمة محمود نور الدين بن زنكي، ولما تولى صلاح الدين ولده وزارة الديار المصرية في أيام العاضد صاحب مصر. استدعى أباه من الشام، فجهزه نورالدين وأرسله إليه ودخل القاهرة لست بقين من رجب سنة خمس وستين وخمسمائة، وخرج العاضد للقائه إكراماً لولده صلاح الدين يوسف. كما سلك معه ولده صلاح الدين من الأدب ماهو اللائق بمثله،

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى