تاريخ ومزارات
الملك رعمسيس الثالث
الملك رعمسيس الثالث “
بقلم :- ميرنا خالد
كاتبة و باحثة أثرية في الاثار المصرية القديمة و عضو في فريق حراس الحضارة للوعي الاثري .
– تولى «رعمسيس الثالث» الحكم بعد موت والده «ستنخت» الذي لم يمكث على عرش الملك أكثر من عامين كافح في خلالهما — على ما يظهر — كفاح عنيف لطرد الغزاة وتثبيت نظم الحكم في البلاد ، والظاهر أنه قد أشرك ابنه «رعمسيس الثالث» في الحكم . فلما انفرد «رعمسيس» بالحكم أثبت للعالم والتاريخ أنه خلف صالح لوالده ، كما أثبت أن الدم الملكي الجديد كان له خطره في إنهاض البلاد من كبوتها التي سقطت فيها خلال عهد آخر ملوك الأسرة التاسعة عشر .
– والواقع أن مثل هذه الأسرة في بدايتها كمثل الأسرة التاسعة عشرة عندما تولى ملوكها زمام الأمور في البلاد ؛ إذ ساروا بها قدما حتى بلغت في عهدهم مكانة علية، حيث جمع «رعمسيس الثالث» في شخصه تلك القوة الحربية، والقدرة السياسية التي امتاز بها «سيتي الأول» ومن بعده ابنه «رعمسيس الثاني». ولا غرابة في أن نرى «رعمسيس الثالث» ينحو دائما في أعماله نحو «رعمسيس الثاني»، وإن لم تكن الأحوال مهيأة له لتنفيذ مقاصده.
– وعهد «رعمسيس الثالث» حافل بالأعمال العظيمة والأحداث الجسيمة فقد ناصره الحظ، ورافقه حسن الطالع طوال مدة حكمه إلا السنين الأخيرة التي كدرت صفوها بعض الأحداث الداخلية المحضة التي لا تخلو منها بلاد في كل زمان ومكان مما سنفصل فيه القول بعد .
– ولقد ظل اسمه لامعا حتى بعد مماته ؛ إذ حفظت لنا أعماله العظيمة إلى الآن بصورة رائعة لم يحظ بمثلها ملك من الملوك الذين سبقوه. وقد وصلت إلينا كما دونها هو وكما يريد في كتابين ضخمين: –
– الأول نقش على الحجر على معبده الجنازي الذي يعد أضخم بناء لملك مصري بقي لنا سليما، وهو المعروف باسم مدينة «هابو». ويعد من أحسن المعابد التي بقيت محفوظة لنا حتى الآن .
– أما كتابه الثاني فهو وثيقته الكبرى التي دونها مدة حياته عن أعماله السياسية والدينية العظيمة، وهي أكبر وأضخم وثيقة بقيت لنا من عهد المصريين القدماء ، ويبلغ طولها أكثر من أربعين مترا . وقد دونت بأحسن خط هيراطيقي عرف حتى الآن .
– ومن هاتين الوثيقتين الفذتين سنحاول أن نضع صورة عن الحياة المصرية في هذا العهد في الداخل، ونصف ما كان للبلاد من علاقات مع الممالك المجاورة من وجوه شتى ، والظاهر أن «رعمسيس الثالث» لم يقم بأية حروب في أول حكمه كما جرت العادة عند معظم ملوك مصر ، بل وجه معظم عنايته إلى إصلاح الأداة الحكومية، وتنظيم الجيش وتقويته، ووضع أسس معابده.
– وقد كان ذلك من الأمور الضرورية التي تحتمها الأحوال لرجل مثل «رعمسيس الثالث» يريد أن يجعل مصر صاحبة السيادة والسلطان في الشرق كما كانت من قبل ، وقد وصف لنا الحالة بنفسه عند توليه العرش، وما عمله للبلاد .
* حال البلاد الداخلية في عهد الملك رعمسيس الثالث :-
حيث نظمت مصر طوائف تحتوي سقاة القصر ، والأمراء العظام ، ومشاة عديدين، وفرسانا يعدون بمئات الألوف، وجنود «شردانا» وجنود «قهق» الذين لا يحصون، وتابعين يعدون بعشرات الألوف، وعبيد سخرة لمصر .
حرب الملك رعمسيس الثالث في بلاد النوبة:-
وتدل المناظر والمتون التي تركها لنا هذا المصرين القدماء على أنه قام بحروب مع بلاد النوبة في أوائل حكمه.
غير أن المناظر هنا مهشمة ولا يمكن معرفة كنهها إلا بقرنها بمناظر الحروب الأخرى التي جرت في بلاد النوبة، وصورت على المعابد الأخرى مثل معبد «بيت الوالي» و«معبد الدر» ومعبد «بوسمبل». وقد دلت الموازنة على أن هذه المناظر كنت في معظم الأحيان تقليدية